الشاهد حكيم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الشاهد حكيم

الشاهد حكيم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 ارشيف النسخة الكاملة : حقيقة المهدي، قطبا مجذوبا قبل ظهوره وإماما جامعا عند ظهوره ..

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
راية الجهاد

راية الجهاد


عدد المساهمات : 3319
تاريخ التسجيل : 07/10/2010

ارشيف النسخة الكاملة : حقيقة المهدي، قطبا مجذوبا قبل ظهوره وإماما جامعا عند ظهوره .. Empty
مُساهمةموضوع: ارشيف النسخة الكاملة : حقيقة المهدي، قطبا مجذوبا قبل ظهوره وإماما جامعا عند ظهوره ..   ارشيف النسخة الكاملة : حقيقة المهدي، قطبا مجذوبا قبل ظهوره وإماما جامعا عند ظهوره .. Emptyالسبت سبتمبر 07, 2013 10:35 pm

ارشيف النسخة الكاملة ا: للكاتب أحمدُ
حقيقة المهدي، قطبا مجذوبا قبل ظهوره وإماما جامعا عند ظهوره ..

أحمدُ

11-16-2011, 10:54 AM
لبسم الله الرحمن الرحيم

(سنشرعُ في وضع سلسلة مقالات سابقة عن المهدي المجذوب والظاهر وحقائقه كتبناها في وقتٍ سابق تترابط فيما بينها لأنّها حول هذا المهدي الختم المجذوب القائم بأمر الله الحجّة على خلقه، وقد نحاول أن نُجدّد فيها ما زادنا الله فيه فهماً، وفكّاً لطلاسمه.)

حقيقة المهدي ؟

لماذا كان المهدي مجذوباً قبل بيعته وظهوره ؟

ولماذا كان قطبا وهو مجذوب قبل بيعته وظهوره ؟

وما هي ميزة المهدي على الإطلاق .. تميّز بها على غيره فسمّي المهدي ؟

ضمّن الله سبحانه سرّه الأعظم في المهدي .. ثمّ كتمه إلاّ لخواصه .. فما عرفه النّاس إلاّ باسمه المهدي ..

والمهدي سمّاه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم "خليفة الله"

والحقيقة الكبرى أنّ اسم المهدي تجلّتْ فيه حقائق المهدي وحقيقته الجامعة ..

فالمهدي إنّما سمّي المهدي لأنّه كان مهدياً للإسم الأعظم الجامع الله .. (خليفة الله)

وهذه الجملة الأخيرة ليست جملة نقرؤها بسطحيّة ونمضي .. كلاّ

فالإسم الأعظم "الله" هو سرّ الوجود وبه ظهرت الأسماء الغير المتناهية وتفرّعت الموجودات والآثار والكائنات ..

وإذا كنّا نعلمُ أنّ الخلافة في آخرها تؤول الى خلافة إسلام وسلام يعمّ الكون جميعا والأرض .. في زمن المسيح عليه السلام.

وتذهبُ السّبعية والوحشية والعدائية وتعطي الأرض بركتها وتخضّر وتزهر.

فإنّ حقيقة الإسم الأعظم أنّه يرحمُ الأسماء في بعضها .. رحمة كبرى عظمى .. فتُعطي الأسماءُ تكافُؤَها وتضادّها وذهابَ آثارها إلاّ في الوحدة الجامعة والرحمة الكبرى، فلا يطغى اسم على اسم.

لذلك كان مصيرُ الخلافة أن تزول السبعية ويعمّ الأمن والسلام والسماحة والحبّ والرحمة والاسلام في زمن المسيح عليه السلام.

لأنّ خلافة المسيح عليه السلام تعبّر عن الخلافة الكاملة للمهدي عليه السلام.

ولذلك كان مصيرُ أهل النّار أن تتراحم الأسماء فيما بينها ويرحمون ويزول عنهم العذاب بعد حقاب معيّنة.. كما ذكر ذلك أكابر أهل الله من أمثال الشيخ الأكبر قدّس الله سرّه.


۩۩ஜ۩۩ஜ۩۩ஜ۩۩

فما هو سرّ المهدي وحقيقته ؟

المهدي مجذوب .. عبد محظوظ من ربّه سبحانه أودعَ فيه قائم أحديته، وفيه سرّ تجلّي الإسم الأعظم ( الله ) باتّصاله واتّحاده وليس ذلك لغيره.

فما هو سرّ القائم المودع فيه ؟

سرّه أنّه يقابلُ الأسماء فيه بأضدادها حتى تستوي أخيرا على ميزانها الكامل ووحدتها الجامعة .. ثمّ يصيرُ المهدي القائم الظاهر بكماله وليلة بيعته وصلاحه واستوائه.

أي يسيرُ في الأرض بسيرة الخلافة الباطنية التي كانت في المهدي المجذوب .. حتى نزول المسيح روح الله عليه السلام على الأرض.

وإنّما نزل روح الله على المهدي في ليلة بيعته وكماله ..

فالمهدي سرّه أنّه حيث القيته قلب الدّنيا الى خلافة كاملة تتجلّى في أعظم كمالها وجمالها.

فادّخره الله لآخر الزمان لمحق الباطل واحقاق الحقّ.

لذلك كان المهدي مجذوبا قطبا .. فكلّ سرّه في جذبه وقطبيّته التي تقوم عليها الخلافة العظمى.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يَا ابْنَ حَوَالَةَ إِذَا رَأَيْتَ الْخِلَافَةَ قَدْ نَزَلَتْ الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ فَقَدْ دَنَتْ الزَّلَازِلُ وَالْبَلَايَا وَالْأُمُورُ الْعِظَامُ وَالسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ إِلَى النَّاسِ مِنْ يَدَيَّ هَذِهِ مِنْ رَأْسِكَ) رواه احمد في مسنده

وما قامت الدّنيا في حقيقتها إلاّ للتعريف بحقيقة المهدي وهي الإسم الأعظم "الله" الذي يختمُ الخلافة في الأرض .. فنهاية تجليّات الأسماء أن ترجع لله سبحانه .. أي الى اسمه الله.

وهذه الخلافة التي تنزلُ الأرض المقدّسة ؟

ما هي ؟

إنّها خلافة المهدي المجذوب أوّلاً ..

بمجرّد قرب ظهور المهدي الظاهر صاحب البيعة .. فهذا يعني أنّ الخلافة قد نزلت الأرض المقدّسة ..

والأرض المقدّسة هي ذاتُ المهدي .. ذاتُ المهدي المجذوب ..

أي نزول القطبية في المهدي المجذوب .. فذاك هو معنى نزول الخلافة في الأرض المقدّسة.

وذلك هو معنى الحديث الشريف .. فاعلم أنّه قَدْ دَنَتْ الزَّلَازِلُ وَالْبَلَايَا وَالْأُمُورُ الْعِظَامُ وَالسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ إِلَى النَّاسِ مِنْ يَدَيَّ هَذِهِ مِنْ رَأْسِكَ.

بمجرّد استلام المهدي المجذوب للقطبيّة .. فاعلم أنّ الدّنيا قد انتهت، وقوانينها السابقة الى زوال ..

وأنّ الأمر قد بدأ، والمفاعل قد اشتغل ..

مفاعل الإسم الأعظم، الماحق لآثار الأسماء الأخرى .. المزلزل لكلّ الكيانات فيمحقها محقا ويسحقها سحقاً ..

الزلازل والفتن والبلايا والأمور العظام كلّها قد اقتربَ أمرُها .. لأنّ ظهور الاسم الأعظم يسرّعُ آثار هذه الأسماء ويقابلُها بأضدادها فتتصارعُ صراعاً أكبراً أعظما.

فهذا هو دور المهدي المجذوب .. في خلافته الباطنية ..و قطبيّته أن تستوي الأسماء وتتراحم فيما بينها أخيراً.

ويتجّلى الإسم الأعظم.

لذلك كان المهدي المجذوب شأنُه مختلف عن بقيّة الخلق.

ولذلك سمّي المهدي ..

حتى ظهور الدجّال في حقيقته هو داخل في صراع هذه الأسماء وذروة الصراع .. وتصفية لفسطاط الإيمان من فسطاط الكفر والنّفاق.

والله اعلم.

_______________________
_____________________

يمكنكم متابعتنا في مدوّنتنا


مدونة المهدي الختم حضرة الإفشاء والكتم
لا يمكنك مشاهدة الروابط قبل الرد (لا يمكنك مشاهدة الروابط قبل الرد)
أحمدُ
11-16-2011, 11:08 AM
المهدي هو شمس المغرب ..

كما قال الشيخ الأكبر محي الدين ابن عربي قدّس الله سرّه في كتابه "عنقاء مغرب" : " لم تزل الشمس تشرقُ من المشرق بغيرها ومن المغرب بنفسها."

هذه الجملة البسيطة تُلخّص كثيراً من الحقائق : أنّ شموس النبوّة والولاية التي طلعت منذ عهد سيّدنا آدم عليه السلام إلى ما قبل المهدي ، كانت تطلعُ بغيرها .. لذلك كان الكتمُ واجباً، وكانت الأسرارُ من أفشاها من أهل الأسرار والحقائق تعرّض للطّرد .. فإذا أشرقت الشمس من مغربها ونزلت الخلافة الأرض المقدّسة وصارت القطبيّة في المهدي المجذوب عليه السلام.

فقد آن أوانُ الافشاء ورفع الكتم، لأنّ صاحب الكتم والافشاء ومحلّه قد ظهر بنفسه وعينه .. فهو شمس المغرب الذي تطلع بنفسها.

شمسُ المغرب هو الختم لكن في حالة جذبه .. لذلك قال الشيخ الأكبر : شمس المغرب دون الصدّيقية والصدّيقية دون الختم.

انّما هي دون الصدّيقية لأنّ صاحبها مجذوب لم يدخل عالم الجبروت .. لكنّ الحقيقة ذاتُ المهدي المجذوب لا يعلوها أحد ولو كان مجذوبا وغير كامل ..

لأنّه شمس المغرب محلّ الافشاء والكتم ، ولأنّه المحظوظ الذي أودع الله فيه قائم الأحديّة. ولأنّه العبدُ الذي سلك ولم يكن لنفسه حظّ في سلوكه ولا شيطان .. فهو الذات الشريفة المكتومة حتّى يُشرِقُ سرّها المكتوم. سرُّ الأسرار وحقيقة الحقائق.

سرُّه الأعظم في الاسم الأعظم ، بل كونه الاسم الأعظم بالحقيقة والعين، فكان مهدياً يُهدى لما استودع الله فيه اسمه الأعظم، فيصيرُ خليفةً في الأرض لله ..

كلّ الأنبياء والأولياء ظهرتْ ذواتُهم في الأرض .. الأرض هي محلّ ظهور الذوات والأجسام فصاروا خلفاءً في الأرض، لكنّهم في الحقيقة هم عينُ الأسماء فيكونُ لكلّ خليفة اسمه ومقامه في السماء .. وهذا هو معنى الخلافة في الأرض.

قال الله تعالى (وما منّا إلاّ له مقام معلوم )

وخليفة الله لها معناها أنّه هو عينه الاسم الأعظم.

لذلك قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم :"خلق الله آدم على صورته"

وهذا هو سرّ اصطفاء الإنسان وكونه أفضل المخلوقات .. هو أنّ الإنسان خلقه الله في أحسن تقويم، وفي أعلى المنازل وفضّله تفضيلا .. فكانت له الأسماء مقاماً اذا سلك لها سبيلها وطوى طريقها ووصل الى الله سبحانه"من عرف نفسه فقد عرف ربّه"

ربّك هو حقيقة نفسك واسمك وسرّك الذي أودعه الله فيك لتعرفه به، فما ثمّ موجود الاّ الله في الحقيقة ..

فمن عرفَ نفسَهُ على الحقيقة فقد عرف الله ..
قال الله تعالى : {إنّا لله وإنّا إليه راجعون}
وقال تعالى : {إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} [ المائدة : 48 ]

فحقيقتنا ومرجعنا إلى الله لأنّه هو الأصل ونحنُ الفرع والأثر.

فالانسانُ برزخ بين الحقّ والخلق، وهذه البرزخية في الحقيقة تحتملُ الحقيقتين والامكانين .. فالبرزخُ له وجهان .. لذلك سمّيَ برزخاً.

وانّما أودعَ الله في الانسان الوجهين .. ولذلك قال سبحانه {ثمّ رددناه أسفل سافلين}

وأحقّ الله أن يكونَ أغلبُ النّاس غير شاكرين وغير عارفين وغير ساعين لهذه الحقيقة القدسيّة العلويّة .. وهذا الشرف العالي المودع فيهم جميعا.

فكان أغلبُهم كافرين، وأغلبُهم منقادين للوجه الأسفل منهم فقط ، وانحصارهم في عالم الأكوان والخلق.

قال الله تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) فحقيقة الخلق المكلّفين منهم من الجنّ والإنس أنّ الله خلقهم لعبادته ومعرفته وتوحيده وإعلان حقيقتهم التي منها جاؤوا وبها قاموا.

ولكنّ النّاس ألهتهم زينة الحياة الدّنيا عن حقيقتهم وسرّهم الأعلى وحريّتهم المطلقة وسعادتهم الكبرى .. قال الله تعالى {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ ٱلشَّهَوَاتِ مِنَ ٱلنِّسَاءِ وَٱلْبَنِينَ وَٱلْقَنَاطِيرِ ٱلْمُقَنْطَرَةِ مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلْفِضَّةِ وَٱلْخَيْلِ ٱلْمُسَوَّمَةِ وَٱلأَنْعَامِ وَٱلْحَرْثِ ذٰلِكَ مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَٱللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ ٱلْمَآبِ}



۩۩ஜ۩۩ஜ۩۩ஜ۩۩

قال الله تعالى ((وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ * وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين* قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)) [البقرة:30 -32]


فهذه قصّة خلافة آدم عليه السلام وبنيه في الأرض..

ومن عِلْم الأسماء كان فضل سيّدنا آدم على الملائكة، وكانت له مرتبة الخلافة في الأرض.

وهي خلافة الله سبحانه .. والانسانُ أودع الله فيه سرّه ونفخ فيه من روحه، ومن أجل ذلك السرّ وتلك الأسماء التي رفعت بني آدم الى مصافّ الخلفاء الذين استحقّوا الخلافة في الأرض... كان سرّ سجود الملائكة لسيّدنا آدم عليه السلام.

لمّا اعترض الملائكةُ اعتراض خوف إفساد هذا الخليفة في الأرض وشفقة لا اعتراض استعلاء وتمرّد، والملائكة منزّهة عن ذلك بل يفعلون ما يؤمرون ومقامهم التقدّيس لله كما ورد في الآية الكريمة. وكما قال العارفون بالله.

فلمّا وقع الاعتراض أمرهم الله أن يسجدوا لآدم، وانّما سجدوا لسرّ آدم الذي أودعه الله فيه ، ونفخة روح الله فيه. وسرّ الأسماء التي علمّه الله وبها صار خليفة وبها ارتقى الانسان الى الخلافة في الأرض.

وما أطلقت لفظة " خليفة الله" الاّ على سيّدنا المهدي عليه السلام في الحديث الشريف :

روى ابن ماجة أنّ النبي صلى الله عليه وسلّم ‏ ‏قال (..فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج فإنه خليفة الله ‏ ‏المهدي).

وروى الحاكم في مستدركه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال(.. إذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج فإنه خليفة الله المهدي ) وقال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.

فكان المهدي عليه السلام هو الخليفة الكامل الذي استحقّ هذا اللفظ وهو المقصود حقيقة في الآية القرآنية بقول الله {إني جاعل في الأرض خليفة}

۩۩ஜ۩۩ஜ۩۩ஜ۩۩

يتبع ان شاء الله
أحمدُ
11-16-2011, 09:27 PM
قبل أن نعود الى كلامنا عن المهدي المجذوب ..

نتكلّمُ عن الإمام المهدي عند كماله وبيعته وحين يصبحُ حاملاً للقب خليفة الله.

فالإمام المهدي عليه السلام حينما يبايع بين الركن والمقام في مكة، يومها يصبحُ المهدي الإمام المسدّد القائد الذي تجبُ بيعته وطاعته وهو المشارُ اليه بقول النبي صلّى الله عليه وسلّم (..فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج فإنه خليفة الله ‏ ‏المهدي).

هناك فهو خليفة الله، وليّ الله المهدي يبايعُه بين الرّكن والمقام خيار أهل الأرض جميعاً، على عدد أهل بدر 313 ، فيهم السبعة العلماء أكابر أهل الله في زمانهم يعرفون المهدي كشفاً وتعريفاً من الله، فيأتون الى مكّة يطلبونه، كما هو مشهور من حديث ابن مسعود رضي الله عنه .. ومع هؤلاء السبعة أبدال الشام وعصائب أهل العراق ونجباء مصر وصلحاء اليمن والمغرب .. فإذا بايعه خيار أهل الأرض فقد أوجبَ الله أن يبايعه من دونهم، ناهيكَ عن كونِهِ خليفة الله المبشّر به من نبيّ الله سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم ليُبايع على السمع والطاعة كما هو معلوم في زمنٍ تنفرِطُ فيه عرى الإسلام وأسباب أمن ووحدة وهداية الأمّة، فتكونُ بيعتُه واجبة لازمة على كلّ مسلم .

والمهدي عند بيعته خليفة الله ما من إمامٍ إلاّ وخاضعٌ له .. فيكتبُ الله له التأييد والنّصر والعزّة .. مخالفه مخذول وعدوّه مقهور ، وهو ظاهر عزيز منصور، سوف يُغيّر الأرض في زمنٍ بسيط ويحييها بعد موتها كما يُحي الأمّة، ويبعث الدين بعثاً .. ويعاقب المفسدين وعلماء السوء والسلطان، ويبتر عصائب السوء وطوائف البدع والشرّ، ويرفع المذاهب ويزيلُ الطّرق والفرق، ويرحمُ المساكين، ويُكرمُ الله الأمّة في زمانه بالخير الكثير والعطاء الوفير، وقد يمرُّ على قريةٍ فيُحييها بنظرة، أي يحيي قلوب أهلها ويبعث إيمانهم المستكنّ فيهم، وقد يغرسُ عوداً أو رمحاً على الأرض فيخضرّ ويُورِقُ لو شاء .. ذلك هو خليفة الله المهدي ... انتظرَته الأرض آلاف السنين لتعانق ظهوره ووجوده. حامل الإسم الأعظم بأهليّة وتمامه وليس ذلك لغيره.


۩۩ஜ۩۩ஜ۩۩ஜ۩۩

أمّا المهدي قبل بيعته وليلة إصلاحه التي قال فيها النبيّ صلى الله عليه وسلّم : « الْمَهديُّ مِنَّا أهْلِ الْبَيْت ، يُصْلِحُه اللهُ فِي لَيْلَةٍ » رواه أحمد وابن ماجة وابن ابي شيبة باسناد صحيح.


قبل كماله فهو مجذوب، أي غير كامل، ومعناها مجذوب الى الحضرة الالهية، ولم يبلغ درجة الكمال التي تجعله مسدّد الظاهر وصاحب الأمر والقائد المنتظر، إذ هو مجذوبٌ إلى حضرة الله ودرجة الكمال وسالك بعناية الله سبحانه وهدايته له، فهو المهدي الى كلّ خير المجذوب الى كلّ نور.

يؤتى القطبيّة، أي توضعُ قطبيّة العالم فيه يوم يأذنُ الله ويكونُ مجذوباً .. وبغير علمه وإرادته.

والقطبيّة لا يؤتاها على مدى الأزمان سوى خير أهل الأرض في زمانه الذي تقومُ عليه الدّنيا ويكونُ محورها، ولا يؤتاها إلاّ وارث محمديّ بعد بعثة النبيّ صلى الله عليه وسلّم وحامل للإسم الأعظم.

ويؤتاها كما ذكرنا المهدي من غير علمه، وبعلم أكابر الزمان السبعة الذين يتعهّدون أمرَ المهدي قبل كماله. ويخرجون معه بعد بيعته مستشاروه ومقرّبوه في الخلافة.

وقد ذكرنا سابقاً أنّ المهدي انّما أودعتْ فيه القطبيّة مجذوباً وقبل الكمال وفي زمنٍ أشدّ ما تكونُ الأمّة فيه الى مصلحٍ متفرّدٍ يخرجها من الوحل والهاوية التي سقطت فيها ..انّما أودعتْ فيه القطبيّة لأنّ الله أودع فيه سرّه الأعظم وقائم الأحديّة.

وليس ذلك لغيره، إذ تفرّدَ بهذا وحده فهو لا نظير له على الإطلاق ..

فتوضع فيه القطبيّة ببضع سنوات قبل بيعته تماماً كما يحكم سبع سنين ويخرج الدجال في زمانه أربعين يوما (يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وباقي الايام كأيامنا) ثمّ ينزلُ عليه المسيح عليه السلام ليقتل الدجال ويصلّي خلف المهدي ويبايعه كما جاء في احدى الروايات الشريفة.

فلمّا كان مجذوباً، بان سرّ هذا العبد المتفرّد عند ربّه، فهو مجذوب غائب عن نفسه من جهة كونه قطباً، ومع ذلك ففيه ذلك السرّ الذي يقابل الأسماء بأضدادها من غير قوّة وتكلّف منه، بل تامّ الصدق تامّ التوجّه لله في كلّ ردّات فعله .. وهو مجذوب وغير موجود بعد في مقام القدوة والقيادة الظاهرة.

سوف يقلِبُ الكونَ والأرض في بضع سنين قبل أن يخرجَ في ثوبِ المهدي الظاهر الخليفة الذي يصلحه الله في ليلة .. فيصبحُ قطباً ظاهراً وقطباً صريحاً وقطباً عالماً كاملاً إماماً قائداً مطاعاً لا يُعصى له أمر .. ومسدّد معصوم لا يخطئ أبدا.

تابع في الشرع لخاتم الأنبياء عليه السلام وهو من ولده وذريّته والشريعة والرسالة ختمت بخاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلّم.

فيبعثه الله ليحيي الأمّة ويبعث الشريعة، ويسقط دولة الدجّال الكبرى وهيمنتها على العالم قبل أن يخرج الدجال الأعور الذي يدّعي الرّبوبية ..

وكلّ سيرة المهدي الظاهر في سبع سنين الى نزول المسيح عليه السلام روح الله، هي سيرة المهدي الباطنية في قطبيّته الباطنة وخلافته الباطنة.

وصراعه مع انعكاسات الأهواء والأسماء الموجودة بداخله يوم نزلتْ عليه القطبيّة، ونزلتْ عليه آثارُ التجليّات كلّها .. فهذا هو معنى القطب .. هو الذي يحملُ عن النّاس كلّ التجليّات ويقابلها بما أمدّه الله من سرّ الاسم الأعظم.

الاّ المهدي الذي كان سرّ الإسم الأعظم فيه كاملاً وعلى الحقيقة وليس على المجاز فيقهر آثار الأسماء وطغيانها على بعضها .. ويردَّ الكونَ إلى حقيقته الأولى، قبل أن يُستخلف الإنسان ويظهرَ فسادُ بني آدم في الأرض .. لأنّ المهدي أودعَه الله السرّ الأعظم الذي أسجد الملائكة بسببه لسيّدنا آدم عليه السلام، فالخليفة المقصود في القرآن هو الإمام المهدي عليه السلام.

ولمّا كانت الأرضُ عند تسلّم المهدي القطبيّة في فساد عظيم وظلم مبين وسيطرة عصبة الدجّال وأتباعه من الماسون والمفسدين .. فقد كانت مهمّة المهدي عظيمة أن يقهر آثار الأسماء الطاغية التي تجلّت آثارها في آخر الزمان بهذا الطغيان والجبروت العظيم الانسانيّ الضالّ عن الله سبحانه .. يقهرَ الأسماء بأضدادها ويردّها الى الإسم الجامع ومحصّل الأسماء جميعها فتتراحمُ فيما بينها الرحمة العظمى وتظهر الحقيقة الأحدية والشريعة المحمديّة في أنصعِ أثوابها في حلّة الإسلام والخلافة الإلهية التي يُقيمها المهدي عليه السلام وتظهر في حكم المسيح عليه السلام.

لذلك كان المهدي مهديّاً ، وسميّ المهدي .. لأنّه المهدي إلى سرّ الإنسان الأعظم الذي اجتبى الله به النّوع الإنساني فكان بهذا السرّ وهذه الهداية والعناية الإلهية :خليفة الله بإطلاق ..

وكان يسمّى يومها أي يوم استوائه على الخلافة وبعد بيعته الكبرى بين الركن والمقام : السيّد الصّمد .. صمدٌ كامل إمام الأئمّة .. إذا ظهر فليس وراءه إمام. من بايعه فقد بايع الله سبحانه عزّ وجلّ. وهو رمز الحجر الأسود وذلك تفهمُه في حقيقة بيعته بين الركن والمقام، والحجر الأسود هو رمز بيعة الله والميثاق الذي أخذه من أرواح النّاس يوم اشهدهم أنّه ربّهم فقالوا بلى. فافهم. فإنّه لكلّ شعيرة وحدثٍ حكمةٌ ومعنى ومز علمه من علمه وجهله من جهله.

قال الله تعالى سبحانه : ((أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ * يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ)) النحل 1/2

فهذه الآية قال بعض المفسّرين ومنهم الشيخ الأكبر قدّس الله سرّه نزلت تخبر عن المهدي، الذي سوف يكونُ وقتُه وقتُ معاينة الساعة وأحداث القيامة وقربها .. فقد كان المهدي علَمٌ على الساعة وبين يديها نذير.


فالمهدي كما يسمّى خليفة الله، فهو أمرُ الله الذي أرسله عند آخر الزمان لتقع أهوال آخر الزمان ونذرها الكبرى التي تسبقه وتواكبُه. وأمرُ الله هو اسم الرّوح الإنسانيّ : الملك الأعظم المسمّى بالرّوح. والمهدي من أسمائه المشهور بها : القائمُ بأمرِ الله.


۩۩ஜ۩۩ஜ۩۩ஜ۩۩

يتبع ان شاء الله ..
أحمدُ
11-18-2011, 05:48 AM
المهديّ تعني المجذوب



قد يتساءلُ البعضُ مستغرباً مستنكراً ؟

ما هذا الاصطلاح الغريب وما المقصود بكلمة المجذوب ؟

وما علاقته بالمهديّ ؟

ونقولُ : أنّ العلاقة كلّ العلاقة بين كلمة المهديّ وكلمة المجذوب.

فالمهديّ إنّما سمّي المهدي لأنّه مجذوب .. مجذوب الى الله من الله .. مجذوب الى حضرته بعنايته ورعايته.

قال الله تعالى (اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيب)- الشورى 13 -

فالمهديّ تعني المجذوب والمجتبى .. حفظه الله تعالى ورعاه ولم يكله الى نفسه.

وممّن تكلّمَ على المهديّ على سبيل الكتمِ، الإمامُ الحكيمُ الترمذي رضي الله عنه وهو من أئمة السلف وأعيانهم، وتكلّم عنه في كتابه "ختم الأولياء".

وختم الأولياء في الحقيقة هو المهديّ، فإنّ السّادات أكابر أهل الله من أمثال الترمذي والشيخ الأكبر ابن العربي رضي الله عنهم لمّا أرادوا أن يبوحوا ويفصّلوا في خصوصيات المهدي من غير أن يثيروا زوبعةً، أو آثاراً جانبيّةً، قبل أن يأتي زمن المهديّ وتظهر الحقائق على يديه وبين يديه، أتوا إلى مصطلح الختم، ختم الأولياء وضمّنوا فيه كلّ خصوصيات الختم وفضائله العظمى، وليس الختم والخليفة سوى المهدي عليه السلام. فما بشّر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم الاّ بالمهديّ وما خصّص فضل أحدٍ بعده سوى المهديّ، ناهيك عن الأحاديث الواردة في فضل المهدي (( المهدي طاووس أهل الجنّة)) .. وغيره من الأحاديث التي قد نفردُ لها موضوعاً خاصاً ان شاء الله.

قلتُ فأتوا الى الختم، الذي يختم الولاية وليس هو سوى المهديّ عليه السلام آخر الخلفاء والأولياء الذي يليه نزول سيّدنا المسيح عليه السلام، ولا ينزلُ المسيح عليه السلام إلاّ في خلافة المهديّ وبسبب المهديّ، وقد سبق أن ذكرنا ذلك أنّ روح الله عليه السلام نزل على قلب المهدي في خلافته الباطنة في ليلة صلاحه وبيعته وكماله فقتل دجّال المهديّ الباطنيّ النفسيّ، وانعكس النزول في الخلافة الظاهرة فقتل المسيح عليه السلام الدجال الأعور المدّعي للربّوبية.

فأتوا الى الختمَ، فأمّا الحكيم الترمذي فوصف الختم اي المهدي قبل بيعته وكماله وظهوره، وأمّا الشيخ الأكبر فوصف مقام المهديّ الخليفة .. مع إلغاز مقام المهديّ قبل الكمال، وان كان تكلّم عنه بصفته الختم بين الكتميّة والختميّة، في كتابه الأبهر " عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب"

وقد سبق أن أشرنا أنّ المهدي هو شمس المغرب .. المهدي المجذوب قبل الكمال هو شمس المغرب وبعد الكمال هو الختم والخليفة الكامل والإمام الظاهر المنصور عليه السلام.

قلتُ فمن شاء أن يطّلعَ على صفة المهديّ قبل الكمال، فلينظر في كتاب "ختم الأولياء" للترمذي وليتأمّل فيه برويّة، سيجد العجب.. وقد سمّى الترمذي الختمَ : الوليّ المجذوب ..

لتعرفَ أنّ المهديّ إنّما سمّي المهديّ، لتعطي معنى المجذوب.

ولكنّ المجاذيب في عالم السّلوك كثار، وإنّما تميّز بها المهديّ، لأنّه خالف الأكابر في الولاية، فكان مجذوباً بصفة كاملة .. ليسَ له حظّ نفس في سلوكه، الله وحده لا شريك له وليَ أمرهُ وسلوكه اليه.

ولأنّه يُصلحه الله في ليلة، على خلاف الأكابر الذين يسيرون في عالم السّلوك زماناً طويلاً، فكان المهديّ مهدياً مجذوباً وليَ الله أمرَ سلوكه ورعايته يقلّبُه في عنايته وتعهّده حتى وصلَ الى لحظة وساعة الفرق والفصل التي صارَ فيها جاهزاً لاستواء الاسم الأعظم على قلبه. فكانت تلك هي ليلة صلاحه.

قال الإمام أبو جعفر الباقر عليه السلام: "فيكون هذا الأمر في أصغرنا سنّا وأجملنا ذكرا، ويورثه الله علما ولا يكله إلى نفسه" (عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر)


قال الحكيم الترمذي رضي الله عنه في كتابه الختم في (الفصل الرابع والعشرون) (المجذوب)

((قال له القائل: صف لنا شأن المجذوب، من مبتدأه إلى منتهاه إلى آخر صفته وخبره.

قال: نعم، إن شاء الله تعالى! اعلم أن المجذوب في مبدأ أمره (هو عبد) صحيح الفطرة، طيب التربة، عذب الماء، زكي الروح، صافي الذهن، عظيم الحظ من العقل، سليم الصدر من الآفات، لين الأخلاق، واسع الصدر، مصنوع له، أعني: محفوظاً عليه. فإذا بلغ وقت الإنابة هداه (الله) ووفقه للخير، حتى إذا بلغ وقت كشف الفتح، فتح له. ثم أخذ بقلبه فمر به إلى العلاء، إلى المكان الذي رتب له بين يديه. ثم رجع به فصيره في قبضته. ثم جعل بينه وبين النفس حجاباً، لئلا تشارك النفس القلب في عطاياه.
ووكل الحق بنفسه ليغذوها قليلاً قليلاً، بقدر ما تحتمله النفس من العطاء الذي يرد على القلب. و(هكذا) يؤدبه (الله) ويسير به إلى المحل الذي رتب له بين يديه.

فقلب (المجذوب لا يزال بدياً) مسجوناً في القبضة (الإلهية) لا يقدر أن يصل إلى محله من الله تعالى من أجل أن النفس مشحونة بعجائب الأنوار. والنفس يسار بها قليلاً قليلاً، برفق حتى لا تعجز وتعيا. فيرد عليها من النور على قدر احتمالها من العطاء. ففي أول ما يرد عليها من العطاء ما يسكرها عن شهوات الدنيا. ثم بعد ذلك، يرد عليها من العطاء ما يسكرها عن وجود حلاوة هذا العطاء. ثم بعد ذلك، يرد عليها ما يسكرها عن وجود حلاوة القربة. ثم توصل إلى مكان القربة. فتتغذى هناك وتؤدب مع القلب جميعاً. ويؤيدها الحق: فيورد عليها الأنوار، أنوار الملك حتى يقومها ويؤدبها ويطهرها!

قال له قائل: ما آخر تقويمها؟ أجمله لنا، فإن الوصف في هذا يطول على الامتحان والاستقصاء!

قال: إن المجذوب ملزم، موكل به الحق ليحرسه، حتى لا يقع في مهلكة فيسقط بها. والله يغذوه برحمته حتى لا تبقى في نفسه مشيئة تتحرك. فحينئذ تبدو له المشيئة العظمى، من ملك الرحمة. فيكشف له الغطاء، ويؤمر أن يقدم إلى الفخر.
قال: وما الفخر؟
قال: معرض المحدثين.
قال: وما صفته؟
قال: قبة من نور القربة، لها أربع طبقات، مرخى عليها الحجب. فيرفع الحجاب الأول أمام القبة، فتبدو له عظمة الله. فتجيئه العظمة فتكتنفه حتى يتحمل ذلك ثم يمهل حتى يقوى. ثم يعاد. ثم تتجلى له العظمة من الله، ثم تجيئه العصمة فتكتنفه فيقبله (الله) ويرضى عنه. ويأمر الله الروح الأمين، عليه السلام! أن ينادي من بطن العرش، في السماوات: بالرضى عنه. فينادي جبريل عليه السلام: (إن الله قد أحب فلاناً، فأحبوه) فيوضع له القبول في الأرض. وقد جاءت الأخبار بهذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يهيئوا (الله) له في كل يوم مجلساً، وفي كل مجلس نجوى!
قال له القائل: كلما طلبنا الاختصار، وقعنا في بحر!
قال: نعم، (ومع ذلك فإني) أجتهد أن أختصر لكم من كل شيء شيئاً: فما هذا الذي وصفت لكم إلا كرأس إبرة من بحر لجي، في جنب ما للعبد بين يدي (الله تعالى) من الرعاية والتنعم بوجهه الكريم، ففكر في نفسك، هل يلتفت هذا الموصوف بهذه (الصفة) إلى كلام أحد، أو ثناء أحد، أو مدح أحد؟ وهل يعبأ بمكروه؟))


وقال أيضا في نفس الفصل : ((قال له القائل: ذكرت أنه لا تبقى له مشيئة، وكيف تنقطع عنه مشيئة الوصول إليه؟
قال: لو تركه عمر نوح، عليه السلام، لم تنقطع عنه تلك المشيئة. ولكن الله لطيف بعباده، حكيم في أمره. يلطف بعبده حتى يقطع عنه المشيئة. فحينئذ تظهر نفسه من جميع المشيئات ويصح للقبول.

فإنه ما دامت له مشيئة واحدة فنفسه معه. فليس للقلب أن يتقدم إلى الله تعالى، في مقام العرض ليقبله ويتخذه عبداً، بعد أن تولى سيره إليه بنفسه. ولا يكله (الله) إلى نفسه حتى يجاهد. وليس لمثل هذا القلب أن يتقدم إلى الله تعالى مع نفس فيها مشيئة. لأن تلك المشيئة شهوة، (وهي خيانة من النفس) وسوء أدب، وليس للخائن أن يقرن بالأمين حتى يتقدما إليه (إلى الله تعالى) فيقبلهما.

قال له قائل: فكيف لطف الله تعالى بعبده من هذا المقام حتى انقطعت (عنه) مشيئته؟
قال: لو ضننت (بالإجابة عن هذه المسألة) على الخلق أجمعين حتى أصيب لها أهلاً لكنت محقاً بذلك. ولكن قلبي أجده يعطف عليك؛ وأحسب أن فيك لله خشية. إذا خرجت للعبد الرحمة، من ملك الرحمة، سقاه ربه شربة يسكره بها عن هذه المشيئة!
قال (القائل): وما هذه الشربة؟
قال: شربة الحب.
قال: وما هي؟
قال: كفاك هذا! - فصار (العبد) بحال لم يعقل من هذه الأمور شيئاً. فباطنه سكر، وظاهره حيرة وبهتة. وأما المشيئة فمفقودة في هذا السكر. فإن أفاق من سكره قليلاً صرخ إلى الله تعالى، صراخ المضطر، فجاءت الرحمة فاحتملته ووضعته بين يديه.
قال القائل: ولم يصرخ؟
قال: لأنه لما أفاق من سكره قليلاً وجد ريحاً.
قال: وما ذاك الريح؟
قال: ألم تر إلى الطفل إذا فقد أمه بكى وتحير في الوجوه وأخذته الغربة، لأنه لا يجد أمه. فلا ينام ولا ينيم. حتى إذا وجد ريح الأم تهلل وصرخ!

قال القائل: لقد جئت (يا شيخ) بمثل عظيم! فما هذا؟

قال: ويحك، إن العظيم في جلاله لما قرب هذا العبد، خرجت له الدولة من مشيئته على طريق المحبة والرأفة والتحنن عليه. فلما بلغ هذا المحل أفاق من السكر، وقد انطمست المشيئة عنه بسكره. وفيه بقية من السكر. وهو قلب غريب في مفاوز الحيرة، منفرد في تلك الفردية. و(فجأة) وجد ريح الرأفة (الإلهية) في قلبه، فصرخ إلى ولي الرأفة. فجاءت الرأفة فاحتملته. وبلغته الرحمة، فأخذته فأدّته إلى مولاه. فأوصله إلى نفسه بلا مشيئة. فإن هذه أقوى المشيئات وأعظمها. ويستحيل أن تسقط عن النفس إلا من هذا الوجه، الذي لطف الله تعالى بعبده فيه .))

۩۩ஜ۩۩ஜ۩۩ஜ۩۩

يتبع ان شاء الله ..
أحمدُ
11-18-2011, 05:50 AM
روى عبد الرزاق:11/372 عن أبي الجلد قال: تكون فتنة ثم تتبعها أخرى، لا تكون الأولى في الآخرة إلا كثمرة السوط تتبعه ذباب السيف، ثم تكون فتنة فلا يبقى لله محرم إلا استحل، ثم يجتمع الناس على خيرهم رجلاً، تأتيه إمارته هنيئاً وهو في بيته.

وعنه ابن حماد:1/344، وابن أبي شيبة:15/246، وفيه: ثم تأتي الخلافة خير أهل الأرض وهو قاعد في بيته هنياً.

إنّ المتأمّلَ في هذه النّصوص التي تصفُ أنّ الإمارة والخلافة تأتي خير أهل الأرض وهو قاعدٌ في بيته، يجدُ أنّ ما ذهبنا اليه صحيح من كون المهديّ عليه السلام، يستلّمُ الخلافة أوّلاً مجذوباً في بيته، وهي القطبيّة .. فالقطبيّة هي الخلافة .. وهو معنى ما ذكرناهُ أنّ الخلافة تنزلُ الأرض المقدّسة، أي قطبيّة المجذوب ..

لأنّ المهدي في الصحيح والصّريح والمشهور أنّهُ يُبايعُ بين الرّكن والمقام عند الكعبة في مكّة، فدلّ ما سبقَ أنّ النّصوص تتكلّم عن البيعة الأولى التي تتمُّ له من غير أن يعرف، فهو مجذوبٌ تنزلُ عليه الخلافة والقطبيّة رغماً عنه، ولمّا كانت سيرة الخلافة الظاهرة للمهدي عليه السلام مطابقة لسيرة الخلافة الباطنيّة وجهاده لأهوائه وباطنه ..

فبيعة المهدي وقعت له على الإكراه في الباطن والظاهر على السواء .. فالظاهر يتبعُ الباطن.

وهو مجذوبٌ غافلٌ عن الدّنيا، وعن حقائق القطبيّة ومعارف أهل العرفان والأقطاب .. كان خير أهل الأرض.

ذلك أنّه الأرض المقدّسة، وأنّه المهدي خليفة الله، والختمُ المجذوب .. سيكونُ أوّلاً قطباً مكتوما .. بضع سنين قبل بيعته الظاهرة وظهوره.

ثمّ يكونُ المهدي خليفة الله الذي قال فيه النبيّ صلّى الله عليه وسلم (إذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج فإنّه خليفة الله المهدي)

والحقيقة هنا ما يعضدُ تلك النّصوص السّابقة، من اقوال أهل العرفان، فقد قال شارح عنقاء مغرب الشيخ قاسم السعدي الشافعي رضي الله عنه من علماء القرن العاشر في مقدّمة كتابه "السرّ المكتوم على الوعاء المختوم" .. الذي هو شرح عنقاء مغرب للشيخ الاكبر ، أنّ الختم وخلاصة نتيجة الكتاب اي كتاب عنقاء مغرب وختم الاولياء رآها في رؤيا ورأى طاووسا ليس أجمل منه ( والطاووس هو المهدي) ، ورأى طرسا مكتوباً عليه أبيات تلخّصُ حقيقة هذا الختم فقرأ الأبيات :

لا ينالُ القربَ إلاّ فتى *** فارق الأقران والخلاّ
جاهداً للنّفس مجتهدا *** يكتفي بالخبى والخَلا

فهذا هو الختم المجذوب، فتى يكتفي بالخبا والخلا .. مفارق للأقران والخلاّن، مجذوبٌ يطوي الأكوان والمفاوز بسيرة مختلفة، وبصدق تامّ ليس في سيره الى الله حظّ نفس أو تلبيس شيطان، لما أودع الله فيه من سرّ الاسم الأعظم، وقائم الأحديّة.

وهو نفسُ ما ذكره الحكيم الترمذي عن هذا الختم المجذوب الذي لا يسلك ولا يُجاهد نفسه كما يُجاهدها غيرهُ، ويتكلّف غيره، وقال أنّه ليس له إرادةٌ مدخولة ما دامتْ نفسه تشاركه في السلوك، ولا يمكنُ أن يكلَه الله الى نفسه اي يمسكُ بزمامها وينتهي دخنها وحكمها، الاّ إذا جاهد .. وهذا القلبُ المتفرّد لا يُمكنُ أن يُجاهد تكلّفاً.

سرّه الأعظم أنّه أقامه الله أن يسير الى الله بغير تكلّف وبغير حظ نفس، وشرح ذلك الحكيم الترمذي رضي الله عنه في ما ذكرناه سابقا ونقلناهُ عنه ..

۩۩ஜ۩۩ஜ۩۩ஜ۩۩

فهذه كلّها سيرةُ المهدي المجذوب قبل كماله، الذي أقام الخلافة على نسخته الانسانية على العدل الكامل والحكم الشامل وعلى مقاس الاسم الأعظم الله .. فخرجت خلافة المهدي الظاهرة على منهاج النبوّة، عادلة كأتمّ ما يكونُ العدلُ، فليس أعدلَ من مفاعل الإسم الأعظم الذي يقهر طغيان الأسماء على بعضها بعض.

وخرجت خلافة وإمامة كاملة قائمة على أركانها التسعة التي ذكرها الشيخ الأكبر في كتابه الفتوحات المكيّة، وكان المهدي يقسّمُ بالتساوي وصحاحاً، فذلك هو سرّ الإسم الأعظم الذي قامتْ به قطبيّة المهدي المجذوب.

ويعكسها ويُترجمُها في الظاهر الختم الخليفة المهدي الكامل .. فكانت سيرتُه بين اللّين والعنف.

شديدٌ على العمّال من الحزم والشدّة كما هو حال الفاروق رضي الله عنه، وشديدٌ على المخالفين وأهل الظلم يُبيدُهم إبادة قد جعله الله سوطه في أرضه ، ورحيم بالمساكين كأنّه يطعمهم الزّبد وهو أرحمُ الرحماء.

ولذلك كان المهدي الظاهر حاكماً بالحقيقة، وعدالته تامّة لا تقوم على المظاهر، بل على العدل التامّ، مهما اختفت الجنح والجرائم واختفت الدّلائل، فالمهدي لا يحتاجُ الى الأدلّة الظاهرة، بل يستخرجها استخراجاً ويحكمُ على الظالمين والمجرمين والمفسدين.

وقيلَ إنّ المهدي إذا خرج أخرج البعض من الصّفوف الأولى من المساجد وضرب أعناقهم، لا يخفى عليه أمر منافق أو مفسد أو متخفّي .. كلاّ فهو الحاكمُ والإمام الذي يقيم العدل على القسطاس المستقيم.
أخرج نعيم عن جعفر بن يسار الشامي قال يبلغ رد المهدي المظالم حتى لو كان تحت ضرس إنسان شيء انتزعه حتى يرده

وكلّ هذا من أثر الإسم الأعظم الذي يُعطي العدالة والكمال والحدّ الأكمل لكلّ حقيقةٍ، ولكلّ مسألة ولكلّ شيء ..

وحتى الملاحم التي تجري في عهده، فهي تجمعُ بين الفتوحات والنّصر والعزّة من جهة، وتجمعُ من جهة أخرى على التصفية والغربلة في صفوف المنافقين والمتخاذلين.

ولو فصّلنا لطال الأمرُ، ولكنّها ظاهرةٌ في النّصوص والأحاديث الشريفة، وكيف ارتقى شهداء المهدي عليه السلام أن يكونوا في مصافّ أفضل الشهداء عند الله .. وكيف في نفس الوقت من انهزمَ في ملاحمه وفرّ كانت عاقبته الفتنة والخذلان الأبديّ ..

وكيف يخرجُ في زمان المهدي عليه السلام الدجّال، أعظم فتنة في الأرض منذ عهد سيّدنا آدم عليه السلام كما وصفها النبي صلى الله عليه وسلّم.

كلّ ذلك ليكون التمحيصُ على الشعرة ودقيقاً عظيماً ..

طبيعة الإسم الأعظم أن يكون غرباله أعظماً أكبراً .. خارقاً لدرجة أن يخرج الدجال يحيي ويميت ويظهر الخوارق ويملك مثلما كان يملك الأنبياء من معجزات .. ليضلّ الناس الذين في قلبهم مرض وعوج وفتنة ..

الإسم الأعظم لا يستوي على قلب صاحبه حتى يكونُ ميزانه كالشعرة أحدُّ من السيف .. وطبيعتُه أنّه يقهر طغيان الأسماء بعضها على بعض .. فيستخرج آخر معاقل الفتنة والشرّ والدخن .. وما من دخيلٍ مدّعٍ ومنافق إلاّ ويسقطُ في فتنة الدجّال.

حتى الذين يلجؤون للمدينة المنورّة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، فالنبيّ صلى الله عليه وسلّم قال : سوف يرغي الدجال ويزمجر قرب المدينة فيخاف كلّ منافق فيها و دخيل فيخرج اليه، مع أنّها مدينة محصّنة وممنوعة عن الدجال.

قال النبي صلى الله عليه وسلم : (إنما المدينة كالكير تنفي خبثها، وتنصع طيبها). رواه البخاري

وفي النهاية بعد تلك الفتنة التي يصيرُ فيها الناس الى فسطاطين لا ثالث لهما ينزل المسيح عليه السلام، فيقتل الدجال ومن معه من أعوان وأتباع.

۩۩ஜ۩۩ஜ۩۩ஜ۩۩

تلك السيرة الظاهرة هي سيرة المهدي المجذوب وفعل الإسم الأعظم في باطنه وعدله وصدقه التامّ الذي يُقابل الحقائق والأسماء بأضدادها حتى تستوي وتتكافأ .. وتصيرَ على حدّها الكامل وهو الإسم الأعظم.

لأنّ الأسم الأعظم " الله " : هو اسمٌ ذاتيّ ليس صفاتيّ، أي لا يُعطي صفةً دون صفة، كلاّ بل هو اسم جامعٌ ومحصّل لجميع الأسماء الحسنى .. والأسماء الحسنى لا نهاية لها في الحقيقة.

قال صلّى الله عليه وسلّم : (اللهم اني عبدك ابن عبدك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك اسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك او انزلته في كتابك او علمته احدا من خلقك او استاثرت به في علم الغيب عندك ان تجعل القران العظيم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي وغمي)

ولكنّ الأسماء الحسنى المشهورة والأساسية والجامعة لبقية الأسماء الأخرى كانت 99 كما وردت في أحاديث شريفة.

والجامع لها ولجميع الأسماء الحسنى هو اسم الله .. فكان هذا الاسم الجامع الأعظم الله .. هو محصّلة جميع الأسماء الحسنى الأخرى.

لذلك تتكافؤ فيه الصفات والأسماء وتستوي استواءً كاملاً أعظما ..

۩۩ஜ۩۩ஜ۩۩ஜ۩۩

يتبع ان شاء الله
أحمدُ
11-18-2011, 06:14 AM
الآية التي كانت سرّ المهدي .. "وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ "

لبسم الله الرحمن الرحيم

ما هي ميزة المهدي ؟ ليكونَ مجذوباً وبسيطاً في ظاهره، مكتفياً بالخبا والخلا كما قال العارف بالله العالم الشيخ قاسم السعدي رضي الله عنه وكما قال الحكيم الترمذي ختم مجذوب الى المواطن تجذبه المواطن موطناً موطناً فيقتبسُ من أنوارها وأسرارها ؟

ما هي ميزة المهدي خلاف العنوان الكبير .. أنّه يحملُ الإسم الأعظم وسرّه المتغلغل فيه بلا انفصال ؟

سوف نجدُ الميزة مذكورة في كتاب الفتوحات المكيّة حينما يتحدّثُ الشيخ الأكبر عن المهدي الظاهر.

وكثيرٌ كثيرٌ من الصوفية وغيرهم يظنّون أنّ الشيخ الأكبر يصفُ المهدي الظاهر بعد البيعة.

والشيخ الأكبر قدّس الله سرّه، دارى ختمية المهدي بخصال المجذوب قبل الظهور .. فكان يصفُ المهدي.

فالمهدي بعد الظهور هو الختمُ الإمام المطاع الخليفة خليفة الله الذي تجبُ بيعته وله تخضعُ العوالم بسرّه الأعظم.

أمّا المهدي المجذوب قبل الظهور فهو القطب المكتوم، والعبد المجذوب الذي أودعَ الله فيه سرّ الوصول الى مرتبة الختم، وسرّ المهدي المدّخر لآخر الزمان.

ليُعجز الله به عباده جميعا أنبياءً وأولياءً .. وملائكة حينما اعترضتْ الملائكة في استخلاف الانسان على الأرض. فكان المهدي هو الخليفة باطلاق المقصود وغيره بالعرض فقط.

۩۩ஜ۩۩ஜ۩۩ஜ۩۩

فما هو السرّ الذي ذكرَه الشيخ الأكبر عن المهدي المجذوب الذي أوجبَ له تلك المرتبة المنقطعة النّظير ؟

إنّه الصّدق .. ولخصّها في قول الله تعالى ((وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)) الروم 47

وقال إنّ دور الأعلام السبعة الذين يرعون المهدي المجذوب قبل بيعته وظهوره، أنّهم يكونون هداة المهديّ ويوجّهونه نحو فتح حصون المدائن الانسانية، وهو أصدقهم وأصدقُ إنسانٍ عرفته البشريّة .. فالأنبياء عليهم السلام معصومون صادقون مبعوثون مؤيّدون بالنبوّة من الله سبحانه.

أمّا المهدي فعبدٌ مجذوبٌ صادقٌ بسرّه المودع فيه، ينحو نحو الصّدق بتمامه دائماً، سرّهُ كالبوصلة الدّقيقة والاسطرلاب المضبوط، لا يُخطئ الغاية والهدف ... وقلبُه على الأمّة والحقّ لا يتعلّق بسوى الحقّ.

فبينما هو في غربته وفرديّته الغريبة، التي جعلها الله له ستراً وحجاباً كما ذكر ذلك الحكيم الترمذي، فهو مؤيّدٌ بالله من الله سبحانه، يقولُ الشيخ الأكبر له ملك يقفُ عليه يسدّدُه .. ويقولُ الحكيم الترمذي هو محدَّثٌ بفتح الدال، ومبشّرٌ والمهديّ مبشّر، فدلّ ذلك أنّه يعرف عن نفسه أنّه المهديّ، يُلقيها في روعه وقلبه مشايخه حينما يأذنُ الله له أن يحمل القطبيّة المكتومة.

ويقول الحكيمُ مع كونه مبشّر محدّثُ فلديه في قلبه سكينة يُميّزُ بها الحقّ من الباطل.
بما يعني أنّه ملهمٌ .. من الله، يقفُ عليه ملك يسدّده، وهو لا يرى الملك.

بل في حاله وجذبه وغربته وفرديّته كما ذكرنا.

ودورُ الهداة السبعة، أنّهم يتّصلون به بوسائل العصر التي لم يذكرها القدماء.

فظهرَ كيفَ أنّه يجمعُ بين الخلوة والعزلة والفرديّة، ويجمعُ بين الاتّصال وهداية العلماء السّبعة له ..

ودورهم أنّهم يضعونه في المواقف التي تجعله في مقابلة حصون ومدائن الشرك والضلالة الباطنيّة .. فيتفاعل بصدقه وانفعاله العجيب الصادق التامّ الصدق، فيقفُ على باب الحصن رابضاً لائذاً بالله لا يتجاوزُه حتى ينصرُه الله ويؤيّده من عنده.

وذلك هو سرُّ الآية ((وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)) .. فالمهدي مؤمنٌ، ومؤمنٌ صادق بالله، ليس بينه وبين الله حاجزٌ أو حجاب، يرى الله بقلبه إلى أبعد الحدود .. ومن توجّه الى الله بصدقٍ واضطرار كان على الله حقاًّ أن ينصره كما قال سبحانه .. فكان المهديّ أصدق مؤمن بالله.

سوف يفتحُ مدائن الشرك الباطنيّة، مدينة مدينة، ويفتح دوائر النّفس في السّلوك .. دائرة دائرة، وهي سبعة دوائر ذكرها أهلُ السلوك. حتى يصل الى دائرة القلب.

ودائرة القلب في الباطن تُقابلُ في الظاهر وفي الخلافة الظاهريّة .. روما .. القسطنطينية الكبرى.

لذلك سوف يفتحُ المهديّ الخليفة الأرض حتى يصلَ روما، قلب الروم.

وهي في الباطن تُسمّى عند أهل السّلوك المدينة الانسانيّة وكنيسة النّفس.

فيفتحها المهديّ فتحاً مبيناً .. بصدقه في الباطن.

وينعكسُ ذلك الفتح في الخلافة الظاهريّة، فتح الروم ومعاقلها بالتكبير والتهليل من غير حرب.

وذلك إشارةٌ الى تمام الصّدق والتأييد القدسيّ حيثُ تُفتحُ نافذة القلب على عالم الرّوح المدد القدسيّ.

لأنّ فتح دائرة القلب هي مرحلة الانتقال الى مدد الروح القدسيّ الواقع بين القلب وعالم الرّوح.

إنّ تمام الصّدق أن تفتح المدائن بالتكبير والتهليل من غير سيوف ورماحٍ ومن غير مواجهات حربية وقتالية فتدخل أنت وجندك المدائن مكبّرين مهلّلين وقد كان قبلك يدخلونها بالسّيوف والرماح والقتال والمغالبة.

فهناك .. عند تلك المرحلة ينتهي دورُ الهداة السّبعة عند المهديّ.. أي المهديّ المجذوب.

فمتى ينتهي هذا الدّور ؟

ينتهي في الملحمة الكبرى ، مأدبة الطير والوحوش والسباع التي لا يُدفنُ فيها كافرٌ ولا مسلم.

ومن شاء أن يعرف التفصيل فليعد الى الفتوحات المكيّة باب المهديّ الظاهر .. ليقرأ ما كتب الشيخ الأكبر في الملحمة، ليعرف حقيقة هذه الملحمة الكبرى.

التي يجمعُ فيها الروم نحو مليون نصرانيّ يأتون لنصرة دينهم، كلّ نصرانيّ يعتقدُ أنّ دينه حقّ من الله يأتي لتلك الواقعة لينصر دينه، وينزلُ الروم سواحل الشام في ثمانين راية ويحرقون سفنهم يقولون نصرٌ أو موتٌ .. ويخرجُ اصحاب المهدي من المدينة المنوّرة، ويجتمعُ أنصارُه والمسلمون من سائر الأقطار من الشام واليمن ومصر وغيرهم .. فيكونُ فسطاط المهدي يومها عند الغوطة قرب دمشق .. وتحدثُ الملحمة ثلاثة أيّام، في كلّ يومٍ يشترطون شرطة، وفي ذلك تفصيل، وفي صفّ المسلمين يكونُ بعض المتخاذلين .. من يرفضُ أن يقاتل بجانب بعض الطوائف ربّما في المسلمين .. فيتشرطون ثلاثة شرطات في ثلاثة أيّام، فلا يظهرُ طرفٌ على طرف في كلّ يوم الى أن يُظلم النهار.

وكما قال الشيخ الأكبر يعمل الحديد في الحديد كما لم يعمل من قبل ، لشدّة الحميّة من الطرفين المسلمين والنصارى .. ثمّ يتخاذلُ ثلثٌ من المسلمين وينسحبون من المعركة كما انسحب المنافقون من أحد. وهؤلاء جاء في صحيح مسلم أنّ الله لا يتوبُ عليهم أبداً. وفي رواية قيل يخسف الله بهم الأرض في طريق عودتهم.

وقد كان مات في المسلمين عدد كبير، فيقولُ من بقيَ من المسلمين نموتُ على ما ماتَ عليه أصحابُنا .. وفي اليوم الرّابع تقومُ المعركة كأشدّ ما تكونُ، ويتقوّى النّصارى يقولون بعزّة وحميّة : ديننا هو دين الحقّ ونحنُ أهلُ الحقّ .. فحينها تغضبُ عليهم السماء، ويأتي مددُ الله سبحانه للمؤمنين وتنزلُ أمدادُ الملائكة وربّما يخرجُ جنودٌ من أرواح الأولياء السّابقين الذين بايعوا المهدي عليه السلام فيما سبق أن يقاتلوا معه .. وينتصرُ المسلمون خير انتصار.

ويُقتلُ في هذه الملحمة الثلث من المسلمين كما فرّ الثلث ويبقى الثلث، الثلث المستشهد هم أفضلُ الشهداء عند الله كما جاء في صحيح مسلم.

ويموتُ في هذه الملحمة كما قال الشيخ الأكبر ستّة من العلماء السّبعة هداة المهدي ومستشاريه عليهم السلام.

وهذا ما أردنا الوصول إليه، ففي هذه الملحمة ينتهي دورُ الهداة، ويكونُ المهديّ باطنياً قد وصلَ الى مرحلة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
راية الجهاد

راية الجهاد


عدد المساهمات : 3319
تاريخ التسجيل : 07/10/2010

ارشيف النسخة الكاملة : حقيقة المهدي، قطبا مجذوبا قبل ظهوره وإماما جامعا عند ظهوره .. Empty
مُساهمةموضوع: رد: ارشيف النسخة الكاملة : حقيقة المهدي، قطبا مجذوبا قبل ظهوره وإماما جامعا عند ظهوره ..   ارشيف النسخة الكاملة : حقيقة المهدي، قطبا مجذوبا قبل ظهوره وإماما جامعا عند ظهوره .. Emptyالسبت سبتمبر 07, 2013 10:36 pm

وهذا ما أردنا الوصول إليه، ففي هذه الملحمة ينتهي دورُ الهداة، ويكونُ المهديّ باطنياً قد وصلَ الى مرحلة الصّدق التاّم، وبعدها سوف يفتحُ المهدي الروم بالتهليل والتكبير .. يفتحُ القسطنطينية وجبل الديلم وروما في ستّة شهور في الخلافة الظاهرة.

هناك انتهى دورُ الهداة السّبعة في استخراج الهمّة من المهديّ المجذوب حتى يصلَ الى مرحلة المجاهدة ومدد الرّوح القدسيّ ..

بعدها في الباطن .. بعد فتح روما. سوف يخرجُ الدجاّل الأعور المسخ عليه خزي الله. ويُحاصرُ المهديّ في بيت المقدس مع أتباعه وأصحابه.

وذلك يعني أنّ دولة العزّ انتهتْ في المهديّ المجذوب .. وسوف يدخلُ الى مرحلة أخرى وهي المجاهدة والمكابدة السّلوكيّة والرّوحيّة .. ليقتل الدجّال الأكبر. بعدما فتح الأرض.

هذه المرحلة التي يخرجُ فيها الدجّال، تعني أنّ المهدي تسلّم مقاليد القطبيّة في جذبه وسوف تقعُ لهُ المواجهة مع الدجّال وإبليس في أعظم صراع نفسيّ، وأعظم مجاهدة إنسانيّة لا نظير لها على الإطلاق. تقعُ على جميع المستويات وفي كلّ الأصعدة، سوف يُواجه المهدي الشيطان والدجّال مواجهة مباشرةً، ويغلبُ إبليس والدجّال على جميع الصّعد فيتعرّف بهذا السلوك على جميع مداخل الشيطان. وهذه الفترة هي التي يخرجُ فيها الدجّال مدّعياً الرّبوبية. وسوف تكونُ أربعون يوماً .. يومُ بسنة كما هو اليوم في عالم الملكوت (حضرة القدس) اليوم بألف سنة قال تعالى (وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ). فكان اليوم من جنس السّنة..
ثمّ يومٌ بشهر من عالم الحضرة المحمديّة كما قال الله تعالى (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ) ، فيكون اليوم من جنس الشهر .. ثمّ يومٌ بأسبوع وهي اختلاف أيّام الأسبوع السبعة .. ثمّ باقي الأيّام مثل أيّامنا.

وانتهاء دولة العزّ وخروج الدجّال يعني دخول المهدي مرحلة الانكسار والمجاهدة .. هناك سوف يحدثُ للمهديّ انكسارٌ عجيبٌ ، وتوبةٌ لا يتوبُها قبله أحدٌ، يقطعُ بها مراحل السّلوك الروحيّ والمجاهدة بلا تكلّف منه كذلك، بل بانكسارٍ وحالٍ قاهر ..

حيث الجوع والمكابدات والمجاهدات .. ولكن من غير تكلّف ولا تصنّع بل بحالٍ عجيب يذيبُ الصّخر ويقهر القلب قهراً.

وتلك هي ميزة المهدي عليه السلام .. أنّه لا يفعلُ بالتكلّف أبداً، ولا يُجاهدُ بتكلّف وحظ نفس .. بل بصدقٍ تامّ تامّ. كأصدق ما يكونُ.

ولذلك حيّرت سيرة المهدي الختم كلّ السّالكين ولم يفكّ رموزها ومغاليقها سوى الأولياء الفحول. ولذلك كان مكتوماً في كتمه العجيب.

وصلى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم كثيرا.

11-29-2011, 12:22 AM
حضرةُ المهديّ الختم محلّ الإفشاء والكتم ..
لبسم الله الرحمن الرحيم

المهدي عليه السلام هو ختم الأولياء الكرام، والولاية شأنُها عظيم.

فمن أسماء الله سبحانه عزّ وجلّ الوليّ، وما كان من أسماء الله سبحانه النبيّ، غير أنّه كلّ نبيّ وليّ ... ولذلك فالولاية أعلى من النبوّة في حقيقتها.

ولكنّ الأنبياء زيادةً على نبوّتهم فهم أولياء لله و ولايتهم فوق ولاية غيرهم من البشر.

والنبوّة شأنُها العصمة الذاتيّة والتأييد والنّسب العالي ...

والولاية شأنُها البرزخيّة بين الخلق والخالق .. والولاية مقامُها الأوّل هي العبوديّة لله سبحانه.

فعلى قدرِ التحقّق بالعبوديّة لله سبحانه تكونُ ولاية العبد عُليا ويكونُ له من حقائق الرّبوبية فهما كفّتان متقابلتان.

وذلك تشهدُه حقيقةً في قول الله عز وجل (قل إن كان للرّحمن ولد فأنا أوّل العابدين) الزخرف 81

فقد شهدَ الله للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه أوّلُ العابدين، فما من حقيقةٍ توحيديّة وعبوديّة وإلاّ والنبيّ صلّى الله عليه وسلّم سابقٌ فيها أوّلٌ فيها فهو سيّدُ البشر وسيّد ولد آدم عليهما الصلاة السلام وعلى جميع الأنبياء.

وفي الآية الأخيرة تعريف لحقيقة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقد عرفَ الله سبحانه بصفة الرّحمن، كأنّ الرّحمانية هي حضرة النبيّ صلّى الله وعليه وسلّم.

وبها تعرّفَ إلى الله سبحانه عزّ وجلّ، فأقربُ اسمٍ الى الله هو اسم الرّحمن لأنّه الإسم الذي رحمَ الله به باقي الأسماء فتفرّعت عنه.

ولذلك قال الله عزّ وجلّ (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)

ولذلك كان صلّى الله عليه وسلّم أوّل العابدين وسيّدُ الأولين والآخرين، فاسمُ الرّحمن له وجهين وجه ذاتيّ ووجه صفاتيّ، وجه ذاتيّ إلى الله سبحانه وليس بينه وبين الله إسمٌ، ووجه صفاتيّ إذ كما قلنا به تفرّعتْ الأسماء فأعطتْ عالم الصّفات.

قلنا أنّ حقيقة الولاية الأولى هي العبوديّة، فمهما سبقَ العبدُ في مقام العبوديّة فقد تحقّق بحقائق الولاية. لأنّ البرزخية تعطي الحقيقتين الحقيّة والخلقية، الألوهية والعبدية. فمهما تحقّق العبد بالعبدية فقد تحقّق بخلعة وأوصاف الألوهية وفقاً للحديث القدسي "صرت سمعه وبصره ويده التي يبطش بها .. الخ"


***********

فما هي صفة ختم الأولياء، وما حظّه من الولاية .. ولماذا سمّي بالخاتم؟

أمّا المهدي فحقائقُه أخفاها الله كتماً، لأنّه الختمُ ختمُ الولاية حيث ختَمَ الولاية كلّها .. والخليفة الذي أودعَ الله فيه أسرارَ الوجود وحقائقها فكانَ محلّ الإفشاء والكتم.

كما قال الشيخ الأكبر قدّس الله سرّه : "حضرة الختم هي محلّ الإفشاء والكتم"، فما معنى محلّ الإفشاء والكتم؟

معناها أنّك متى فهمتَ حقيقة المهديّ ومقامه وسرّه فقد فهمتَ أسرارَ الوجودَ كلّها وحقيقة التوحيد، وكلّ تلك الطلاسم التي كانت تحومُ حول علوم الأولياء عليهم السلام.

ولذلك كان المهديّ آخر وختام الأولياء وعلَمٌ على الساعة .. فظهورُه لا يكونُ الاّ عند أوان انتهاء الدّنيا وفنائها.

ولا يخرجُ إلاّ في الفتن والزلازل والاختلاف ... ليردَّ الأرض والبشريّة الى دينها وروحها ويقضي على الشرّ الجاثم على البشريّة المتراكم خلال عصورها وحقابها المتتالية فيقضي على الدجّال. وتزهرُ وتُشرِقُ به الخلافة المثاليّة التي يحكمُها روح الله سيّدنا عيسى عليه السلام.

فالمهديّ من جهة خصوصيّته واسمه وزمن ظهوره وحيثيات زمانه وظهوره كتمٌ، كتمٌ خارقٌ .. رغمَ أنّه لم يُبشّرْ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم سوى بقدوم المهدي في أحاديث صريحة صحيحة متواترة ... تبشيراً يدلُّ على عظم مقام الامام المهدي عليه السلام.

ولذلك وقعَ الغلوّ في المهدي من بعض الطوائف، ووقعتْ تحريفات في حقائقه ومنهم الشيعة .. الذين اخترقهم بعض المجوس واليهود والمفسدون في الأرض الذين يفسدون عقائد الأمم منذ القدم حيثُ إبليس دورُه أن يقتل الحقائق والتوحيد والوضوح ويغالط الفرق والناس لتقع في بعضها وتكثر الفتن والأحقاد.

والشيعة لهم حقائق كثيرة في المهدي استمدّوها من أقوال أئمة آل البيت عليهم السلام الذين تكلّموا عن صفات القائم بأمر الله المهدي.

والدّس كان في السّرداب والغيبة المزعومة والندب والحقد وبغض الصحابة رضوان الله عليهم .. والابتعاد عن روح الدين الذي جاء من أجل التوحيد والقيم والنّقاء والخير وليس من أجل الأحقاد والفتنة والروايات الغامضة.

أقولُ الروايات الغامضة، لأنّ الحقائق والأسرار التي أولاها الله لأوليائه وخواصّه يصلُ إليها من ائتمنه الله عليها، فلم يفتن بها النّاس ولم يشغل بها أزمانه قبل أوانها. ولأنّها حقائقٌ مترابطةٌ كاملة تُعطي مشهداً واضحاً في الفهم عن الله وليس روايات أو معلومات ناقصة قد تُعطي التشويش. والوليّ الذي اختصّه الله وسلك اليه فدلّه عليه وعرَفهُ فقد استشرفَ المشاهد والعرفان، فلا تكونُ معلوماتُه مغلوطة أو ناقصة.

وكونها - اي هذه الروايات- غامضة عند الشيعة فقد حرّفوا الحقائق كما حرّف أهل الكتاب كتبهم فاختلطتْ الحقائق بالمرويات الباطلة، وامتزج الحقّ بالباطل.

وفقد هؤلاء روحَ الدين الذي هو أوّل ما يكونُ دورُه ووظيفتُه ابتعاثُ العباد لعبادة ربّ العباد، وليس لنشر الأحقاد والفتنة وتكريس العداوة بين الخلق.

واليوم نفتحُ بعض المعاني على حقيقة المهدي، لأنّنا نوشكُ أن نطلّ على زمان هذا القائم.

القائم بأمر الله، الحامل لواء الاسم الأعظم، الكامل الختم الخليفة الذي ما سجدَ الملائكةُ لسيّدنا آدم إلاّ بسرّ المهديّ خليفة الله الكامل.

لأنّ المهديّ خليفة الله الكامل التامّ الحقيق بهذا اللفظة عن غيره.

وهو المعنيّ في الآية في سورة البقرة ..

قال الله تعالى :
"وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ * وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ * وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ" البقرة 31/34


فهنا يعرضُ الله حقيقة هذا الخليفة الذي أقامه في الأرض على الملائكة، فاستغربَتِ الملائكةُ كيفَ يقعُ لهذا الخليفة هذا التشريف ليكون خليفةً، وهم ملائكةٌ صفتهم التقديس والتسبيح، وهذا الخليفة في الأرض قد علِمَتِ الملائكةُ بعلمٍ أطلعها الله أنّهُ سوفَ يقعُ به فسادٌ في الأرض وسفك دماء، فقال الله سبحانه إنّي أعلمُ ما لا تعلمونَ، وانظروا إلى آدم وقد علّمه الله علم الأسماء فحاز مقام الخلافة .. فقالوا سبحانك لا علم لنا إلاّ ما علّمتنا.

وعِلْمُ الأسماء عليه وقعتِ الخلافة وعليه وقعَ مدارُ التفضيل والاستخلاف.

فقد ارتقى الإنسانُ بهذه الأسماء أن يكونَ برزخاً بين المسمّى والأثر، بين الرّوح الملائكية السمائيّة اللّطيفة وبين الجسم الأرضي الكثيف، فكانَ سيّداً على الملائكةِ بحضرته الأسمائيّة.

ثمّ بدأتِ قصّة بني آدم والبشر، وكان آدمُ خليفةً أوّلاً وقطباً جامعاً ولكن وقعَ منه ما قدّرَهُ الله عليه بحكمِ طبيعة البشريّة وبحكمِ بداية قصّة الأسماء، فإنّ بدايتها بدأتْ مع سيّدنا آدم عليه السلام، وتنتهي أخيراً بظهور الإمام الخليفة المهدي عليه السلام.

وكانَ آخر الأنبياء بعثاً هو سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم الذي به تعرّفَ الخلقُ على الله فهو الواسطة، فالرّحمانيّة هي الاسمُ الثاني الذي له وجهٌ ذاتيّ الى الله سبحانه ووجه صفاتيّ الى الخلق .. فكان مظهرُها وحضرتُها هو النبيّ سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم.

ذلك ليحقّ اللهُ كرامةَ أمّة هذا النبي العظيم الذي أخلاقُه من أخلاقِ الله سبحانه فما تحقّقَ بأخلاقِ الله من ولدِ آدم كما تحقّقَ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم.

فكانَ فضلُ الله عظيماً كبيراً على هذه الأمّة التي شرّفها الله بنبيّ الأنبياء صلّى الله عليه وسلّم والدّال الجامع الأوحد على حضرة الله سبحانه .. فصارتْ لهم، أي لأولياء هذه الأمّة هذا الشرف العظيم الذي ليس بعدهُ شرفٌ، أن يتعرّفوا على الله بواسطة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ويخلصوا الى العرفان الأكبر.

وقد كان قبلهم لا يتعرّفون الى الله إلاّ بواسطة أنبيائهم عليهم السلام والأنبياءُ لا يتعرّفون الى الله إلاّ بواسطة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.

لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلّم : (علماءُ أمتي كأنبياء بني إسرائيل)

فكان أولياء هذه الأمّة المحمديّة يجتمعونَ مع الأنبياء عليهم السلام في واسطة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وللأنبياء العصمة وفضل النبوّة المقدّم في هذا المقام.

والله أعلم.

يتبع ..
أحمدُ
11-29-2011, 12:23 AM
حضرةُ الإفشاء وقصّة علم الأسماء ..

لبسم الله ..

قلنا أنّ قصّة الأسماء بدأتْ بسيّدنا آدم عليه السلام ..
قال الله تعالى (ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما) سورة طه 115

قال مجاهد وكثيرٌ من المفسّرين: نسيْ أي ترك الأمر والعهد، وقال ابن عباس نسيْ من النسيان والسهو .. فلم يكن له عزمٌ عليه السلام.

وذلك كما سبق أن قلنا ليُحقّ الله قصّة وبداية الأسماء والخلافة ...

إنّ الله أرادَ أن يتعرّفَ إليه خلقه فشقَّ لهم حضرةً جامعةً برزخاً بينهم وبينه ليتعرّفوا اليه بها، وخلقَ لهم نسبةً هي نسبة المعرفة، ولولاها لما عرفُوه.

تلك النّسبة وتلك الحضرة البرزخيّة كانت حضرة الحبيب المصطفى صلّى الله عليه وسلّم.

وشرحنا ذلك بعلم الأسماء فقلنا إنّما كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم نسبة التعرّف وبرزخاً بين الحقّ وخلقه لأنّ حضرته كانت من اسم الرحمن ثاني اسم جامع بعد اسم الله.

ثمّ من شاء أن يعلمَ هذه الحقيقة فليقرأها في شهادة الإسلام الدين الخاتم المهيمن على الرسالات والأديان " لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله"
وتأخّر ظهورُه صلّى الله عليه وسلّم ومبعثُه فكان آخر الأنبياءِ بعثاً حتى ظهرتْ الحقائق الأسمائيّة التي هي دون اسم الرّحمن وتجسّدتْ في الأنبياء عليهم السلام.

فلمّا تجلّى وبعث الحبيب المصطفى صلّى الله عليه وسلّم أشرقتِ الأرضُ بنورِ ربّها وحقّ لها أن تشرِقَ وتفرحَ فقد ظهرَ نبيُّ الأنبياء وواسطة الأسماء وثاني اسم جامع لحضرة الأسماء.

فطوبى للأرض وأمّة هذا النبيّ المجتبى صلوات الله وسلامه عليه .. ثمّ تعهّدَ الله ببعث على رأسِ كلّ مئة سنةٍ من يُجدّدُ لهذه الأمّة أمر دينها من أولياءٍ لهم خصوصية في عالم الأسماء .. منهم من عُرِف ومنهم من خفيَ، لكنّ آثارَهم على الأرضِ كانتْ ظاهرةً وإن جهلتْ نسبتُها اليهم.

ومن هؤلاء الأولياء الأكابر قدّس الله سرّهم الشيخ الأكبر محي الدين محمد بن عربي الحاتمي الطائي صاحب الصفّة العلميّة.

ولذلك كان الشيخ الأكبر أولى وأكثر النّاس ببسط الكلام في حقائق الختم الخليفة "عنقاء مغرب"، فما أحاطَ بعلم الأسماء بعد الاسمين الجامعين: الأعظم "الله" والجامع الصفاتيّ "الرّحمن"، كما أحاطَ الاسم العليم .. فكان بعدهما في الإحاطة الأسمائية فصفته العلميّة.

وكان قد ذكر خبر مصطلح "ختم الأولياء" وسيرته .. "الحكيم" الترمذي رضي الله عنه في كتابه "ختم الأولياء"، قبل الشيخ الأكبر. ثمّ أطلَقَ صفّارة الإنذار الشيخ الأكبر .. وبسط الكلام في توريةٍ واخفاء حتّى حيّر من بعده ممّن هم دون أهل الحقائق والأسرار في فكّ ألغازِ ما كتبَ عن الختم والخليفة، وفي تحديده كتماً أمرتهُ به العناية ...

كتماً مقصوداً إلى وقتِه وظرفه ووقتُه هو وقتُ الإفشاء وفكّ الإلغاز والمعرفة والوضوح ..

سوف تظهرُ يوماً الحقيقة الأحديّة وسرُّها في قادمِ الأيّام بظهور المهدي عليه السلام.

ثمّ تظهرُ بجلاءٍ وبلا خَفَاءٍ إذا نزل المسيحُ عليه السلام فشهدَ للمهديّ بحقيقته الأحديّة.

قلنا فكان ظهورُ النبيّ نبيّ الأنبياء وخاتمهم سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم عنوانُ نضج البشريّة واستواء الحضرة الأسمائيّة وانفتاح آفاق المعرفة القدسيّة فمن تعرّفَ على حضرة الحبيب المصطفى صلّى الله عليه وسلّم معرفةً على سبيلِ الحقيقة والعلم والفناء فيها لا مناصَ من أن يتعرّفَ بعدها على الحضرة القدسيّة حضرة الله عزّ وجلّ.

وهذا هو محور علم الصّوفية وسلوكهم، إنّه زبدةُ العلم والمعرفة والتوحيد.

إنّهُ علمُ الأسماء وعلمُ الفناء في الحضراتِ الأسمائيّة وتوحيدِ الله على التّمام والكمال.

وكمْ ظلَمَ الصّوفيةَ أقوامٌ وجهّالٌ وكمْ جنى عليها بعضُ المنتسبين اليها ادّعاءً وزوراً وجهلاً فأعطوا صوراً ومظهراً غيرَ لائقٍ بها.

وكمْ ظلَمَ الصّوفيّة مرضى قلوبٍ ليس لهم في العلمِ والتوحيد والصّفاء والتزكيّة حظٌّ .. ولو علموا أنّ ميراث الأنبياء عليهم السلام هو هذا العلم الشريف، علم التوحيد ومعرفة الله على الحقيقة كما أرادنا أن نتعرّفَ إليه سبحانه عزّ وجلّ.

قال الإمام الجُنيد قدّس الله سرّه :"لو عَلِمْتُ أن لله عِلماً تحت أديم السَّماء أشرَفُ من هذا العلم الذي نتكلّم فيه مع أصحابنا وإخواننا، لَسَعيتُ إليه وأخذته"

نعم .. هل هناك علمٌ أشرفُ من علمِ الأسماء الذي استخلفَ الله به سيّدنا آدم وبنيهِ في الأرض وأسجدَ لهم بسببه الملائكة ؟

وقامَتْ الحقائقُ الكونيّة كلّها والوجوديّة عليه ؟

لا .. ما على الأرض ولا في السّماء علمٌ أشرَفُ من هذا العلم، علمُ توحيد الله ومعرفته ومحبّته والفناء فيه وذوقِ الحياة ذوقاً يُسقطُ المظاهر والأكوانَ شريكاً في الكون والوجود فلا يبقى سوى الواحدِ الأحدِ الدّيان الباطنِ الظاهر الأوّل الآخر لا إله إلاّ هو وحده لا شريك له.

وإنّما كان المشايخُ ورثةَ هذا العلمِ تحقيقاً وذوقاً وفناءً فصحّتْ لهم تلك المشيخةُ والتربية والإرشادُ.

نعم مشايخ الصّوفية الورثة المحمديّين مقدّسةٌ أسرارُهم، ولذلك ترى الشيخ له تلك القدسيّة على مريديه وتلاميذه، ولكن أقولُ المشايخ الحقّ المتحقّقين .. فقد كَثُرَ الأدعياء في الأزمنةِ المتأخّرة .. وقلَّ المتحقّقون الواصلون الى الحضرة القدسيّة.

لذلك فسدَ الزمانُ وتشوّهتِ الحقائق واختلطَ الحابلُ بالنّابل.

لكنّ حقيقة المشايخ الواصلين أنّهم في حضرة التقدّيس، فالوليّ برزخٌ بين الخلق والحقّ. يستمدُّ أمدادَهُ وعلمَهُ من عالم الجبروت.

وإذا كانت الملائكةُ قالتْ في آية الاستخلاف : "..وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ"


إذا كانتِ الملائكةُ صفتُها التقدّيسِ لله سبحانه، فكيفَ لا يكونُ هذا الخليفة الذي أسجدَ له الملائكة كيف لا يكونُ مقامُه التقدّيس ؟

بل مقامُه التقدّيس وذلكَ كلّ نبيٍّ بعثه الله مقدّس السرّ، وكلّ وليّ فنى في حضرة الله القدسيّة.

ثمّ إنّكَ لن تتعرّفَ إلى الله عزّ وجلّ حتى تفنى عن عالم الصّفات وتفنى عن نفسِكَ ويتقدّسَ سرُّكَ.

وتلك هي رحلة الفناء التي يتكلّمُ عنها الصوفيّة .. الفناء عن النّفس .. الفناء عن عالم الصّفاتِ والآثار الى عالمِ المُوجِدِ والقهّار.

هي رحلةٌ علميّة، ولكن علمٌ ذوقيٌّ سلوكيّ .. دونَهُ خرطُ القتاد.

ولكنّه سهلٌ بالله .. صعبٌ بغيرهِ بل مستحيل.

ولذلك كانَ هذا العلمُ أوّلُه التسليمُ لله ورسوله صلى الله عليه وسلّم والإيمانِ بطريقِه.

والإيمانِ بطريقِه هو الإيمانِ بمشايخه وأهلِهِ والتسليمِ لهم والعلمِ أنّهم واصلون يغرفون من تلك الحضرة، وأنّهُ لا سبيلَ للوصول الى حضرة الله إلاّ بالدّليل.

لا يُمكنُكَ أن تصِلَ الى الله بغيرِ بابٍ ودليلٍ.

لا يُمكِنُكَ أن تدخل الحضرة القدسيّة إلاّ بمدَدِ الحضرةِ القدسيّة وبالاغتسالِ بماء الجبروت.

وإذا لم تجِدْ هذا الدّليل الذي يملكُ هذا الماء الجبروتي فلن تغتسِلَ أبداً.

هل علِمتَ لماذا قال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يُقَالَ فِي الْأَرْضِ اللَّهُ اللَّهُ) رواه مسلم

يتبع ..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
راية الجهاد

راية الجهاد


عدد المساهمات : 3319
تاريخ التسجيل : 07/10/2010

ارشيف النسخة الكاملة : حقيقة المهدي، قطبا مجذوبا قبل ظهوره وإماما جامعا عند ظهوره .. Empty
مُساهمةموضوع: رد: ارشيف النسخة الكاملة : حقيقة المهدي، قطبا مجذوبا قبل ظهوره وإماما جامعا عند ظهوره ..   ارشيف النسخة الكاملة : حقيقة المهدي، قطبا مجذوبا قبل ظهوره وإماما جامعا عند ظهوره .. Emptyالسبت سبتمبر 07, 2013 11:31 pm

11-29-2011, 10:31 AM
لبسم الله ..

هل علِمْتَ لماذا قال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يُقَالَ فِي الْأَرْضِ اللَّهُ اللَّهُ) رواه مسلم

هلْ علِمتَ لماذا قال ذلك ؟
إنّهُ لا تقومُ السّاعةُ وتنهارُ الدّنيا حتى يزولُ الإنسانُ الكامل ..

الإنسانُ الكاملُ هو القطب الذي تقومُ به السمواتُ والأرض، وهو القطب الذي استوى على قلبِهِ الاسم الأعظم واستوتْ عليه بالتالي الرحمانية، قال النبي صلّى الله عليه وسلّم في الحديث القدسيّ (ما وسعني أرضي ولا سمائي، ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن)

ومصداقُ هذا الحديث القدسيّ قولُ الله تعالى : ((إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا)) -الأحزاب 72-

فهذه هي الأمانةُ التي عرضَها الله على السماواتِ والجبالِ فأبيْنَ أن يحمِلْنَها وأشفقنَ منها وحملَها الإنسانُ بما أولاهُ الله من تشريفٍ وتكريمٍ متجسّدٍ في قصّة أبيه سيّدنا آدم عليه السلام الذي أسجَدَ الله له الملائكة لمّا حملَ هذه الأمانة : أمانة خلافة الله في الأرض.

أمانة الأسماء والبرزخيّة والسيّادة، أمانة أن يسَعَ قلبُهُ حقائق الأسماء الإلهية فما وسِعَ تلك الأمانة سوى قلبِ العبد المؤمن الخليفة.

وضيّعَها الإنسانُ في عمومه، ضيّعَها أبناءُ آدم ولهَوا عنها وسهَوْا واشتغلوا بدونِها عنها وفتِنوا بالقشورِ عن اللّبِّ وبالآثار عن الحقيقةٍ والمظاهرِ عن الظاهرِ .. فكان الإنسانُ ظلوماً جهولاً.

قلنا فما قامتِ الدّنيا إلاّ بسرّ الأمانةِ التي استخلفَ اللهُ بها الإنسان، إنّها أمانةُ خلافة الله في الأرض، فكان في كلّ عصرٍ وأوانٍ قُطبٌ عليه قامَتْ حقائقُ الأكوان، نائبٌ للقطب الأعظم.

هذا القطبُ هو الذي عليه دارَتْ رحى الوجود، دارتْ عليه بالاستخلاف .. وبدأتْ تلك القطبيّة الجامعة بسيّدنا آدم عليه السلام.

القطبُ هو حاملُ الإسمُ الأعظم "الله" .. حاملُه أي حاملُ حقائقه وأسراره، متحقّقٌ به.

لذلك كانَ قطباً وبه قامَتْ الدّنيا والأكوان، بتجليّات الله سبحانه على هذا القطب الجامع.

فما الدّنيا سوى آثار الأسماء والتجليّات من الله سبحانه، فظهرتِ الآثار والأعيانُ بسرّ الأسماء.

فلمّا غابَ في آخر الزمان هذا القطب الجامع، وآخرُ الخلفاء هو سيّدنا عيسى عليه السلام. يقومُ وينزلُ في قطبيّة المهديّ عليه السلام.

وبعد ذلك يزولُ الإسمُ الأعظم بزوال حامله، وخاتمتُهم هو الختمُ المهديّ القطب الفرد الجامع الخليفة.

فلمّا غابَ هذا الكاملُ وهذا المنصِبُ: منصبُ القُطبِ والخليفة .. بدأتِ الدّنيا الى الزوّالِ والتلاشي وفقْدِ آثارها وحقائقها حتى تقومَ الساعةُ.

لهذا السّبب تقومُ الساعة يوم لا يكونُ في الدّنيا من يقولُ "الله الله" ...


۩ஜ۩۩ஜ۩۩ஜ۩

قلنا فلا يُمكنُ الدّخولُ الى الحضرة القدسيّة إلاّ من بابِها، وبابُها هو الواصِلُ الغارفُ منها، فما دامَ في الدّنيا هؤلاء المشايخُ والصّديقون فلا يزالُ الخيرُ فيها.

ولا يزالُ الماءُ الطّاهرُ المطهِّرُ موجودٌ ليغسِلَ الدّنيا والنّفوس من جنباتها ونجاساتِها.

ولا يغسِلُ نجاساتِ الدّنيا وشرورِ النّفسِ إلاّ ماءُ الجبروت، مددُ الحضرة القدسيّة النقيّ الصّافي الغير ممزوج.

فلمّا قلّ عددُ هؤلاء الصّديّقين في الأرض في آخر الزمان، ظهر الفسادُ وتقوّى الدجّالُ وأتباعُه اليوم.

بل القصّة أنّ الدجّالَ عَمَدَ إلى ما أعطاهُ الله من علْمٍ وخوارق وظهيرٍ من الجنّ والشياطين فصنعَ جبروت الحضارة الماديّة أيْ سرّعَ التمكين فيها، وفي نفسِ الوقتِ لبّسَ على المسلمين في تاريخٍ ليس بالقصير، ليصنعَ مخطّطه المذهل في إسقاط الخلافة، وتفريق المسلمين الى دويلاتٍ وجماعاتٍ .. ثمّ تمكينِ السّفهاء من الحكمِ فيهم. والتحكّمْ في مصيرِهم فلا يقدِرونَ أن يملكوا من أدواتِ الحضارة ما يجعلهم في الريّادة.
بل بقوا طوال عشراتِ السّنين في المؤخّرة أتباعاً وأذيالا .. سِيمَتُهم التلقّي والانبهار والتبعيّة وحسب ... في سيطرةٍ وهيمنةِ دجّاليّة لا نظيرَ لها.

وقامَ بنشرِ الفسادِ وتشويه الحقائق، وتجفيفِ منابعِ الإلهام في المسلمين ومواهبِ التمكين، وشُغلِهم بالتوافه والخلافاتِ وإحياءِ الأحقاد .. حتى نزَلَتْ وارْتَكسَتْ القابليّاتِ فيهم، أي في المجتمعات والأفراد على العُموم، وصارَ بينهاَ وبين الحقائق العُليا وطَلَبِ الله سبحانه وطلبِ سرّ الخلافة الإنسانية حجابٌ منيعٌ وهوّة سحيقة، وصارَ الدينُ غريباً، بحقيقتِهِ وجوهرِه ونقائه وعلوّ كعبِه وقدسيّته وأخلاقه العالية صار غريباً .. غربةً تكادُ تكونُ عجيبة .. وماتت القلوب وأجدبتِ القوابل.

وعلامةُ ذلك موتُ هذا العلم، وموتُ حتى التعلّقِ به ومحبّته ومحبّة أهله ... ولم يبْقَ من الدّين في العموم سوى الرّسمِ والطّقوس والآثار .. وظهرَتْ أجيالٌ بينها وبين الحقائق والرّوح أمدٌ بعيد .. ونصّبَتْ نفسها للدّعوة والفتوى والإرشاد. واعتلى المنابر الجَهَلةُ والمرضى والقُصّر ...

عبد الله بن عمرو بن العاص قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علمٍ فضلّوا وأضلّوا) صحيح البخاري


حتّى الفقهاء والعلماء الذين ورثوا العلوم والفقه، ضيّعَ كثيرٌ منهُم روح العلم وروح الدّين وحقائقه ومقاصِدَهُ .. فالدّين لم يكنْ يوماً طقوساً أو ذاكرةً وروايةً وأرشيفاً للنّصوصِ والمتون والحواشي بعيداً عن تلك الرّوح العابدة لله العارفة به، الشّاهدة لجمالِ تجلّيه .. المسبّحة بحمده آناءِ اللّيلِ وأطرافَ النّهار .. الخاشِعَة المراقبةِ لربّها في الحركاتِ والسّكناتِ، الرّاجيةِ لرحماتِه ورضوانه، الخاشيةِ لجلالِه وغضبه.

ذهبَتِ النّماذجُ القدوة، والغارفَة من التقوى والدّين بشقّيهِ الخلُقي الرّوحيّ والعلميّ الفقيه ..

قال الإمام مالك رضي الله عنه : (ليس العلم بكثرة الرواية وإنّما هو نورٌ يضعه الله في قلب من يشاء)

وقال سيدنا ابن مسعود رضي الله عنه : (ليس العلم بكثرة الرواية ; وإنما هو خشية الله تعالى)

بلْ وزادَ الطّينَ بلّةً أن عمَدَتِ الحكوماتِ الفاسدة إلى الهيمنة على الجامعات العلميّة والهيئاتِ الفقيّة التي كانتْ على مدى أزمانٍ مناراتٍ يتخرّجُ منها العلماء تحت رعاية العلماء .. فصارتْ هذه الجوامع والمراكز تابعةً للأنظمة الفاسدة تُعيّن عليها من تختارُه بعنايتِها المريضة، وحساسيِتِها المدسوسة، فسقطتِ الهيئاتُ العلميّة والمراجع الكبرى في دوائر التسيّيس، والبُعد عن المقاصِد والحريّة في صناعة النماذج العالمة المستقلّة، وانحصَرَ دورُها المستقلّ الحرّ ..

هذا على العموم، وتغرّبَ الدّينُ ..وحتى هؤلاء الأتباعُ في كثيرٍ من مدارس التصوّف والمشايخ .. لمّا غابَتِ القابليّاتُ والهِمَمُ الكبرى، بفسادِ الزمان وتلوّثِ النّفس تلوّثاً كبيراً .. فُقِدَ المريدونَ والقابليّاتِ التي تحمِلُ أسرارَ مشايخها وترثُ هذا العلم العظيم، وتدخل الحضراتِ القدسيّة فتكونَ مددا ودليلاً كمن سبقهم في هذا الميدان.

فظهرَ جيلٌ منقطعٌ عن الحضرة القدسيّة، سوى بالبركة والاتّباع وهو محمودٌ، ولكنّه دون المطلوب .. والخطرُ هنا .. أن يتصدّرَ للتربية ويزعم المشيخة من لم يدخل تلك الحضرات القدسيّة، وليسَ له سوى التشبّه واستعمالِ العبارات والاصطلاحاتِ ولبسِ الزيّ، يحسبُهُ من حوله شيخاً وهو منقطعٌ لم يَصِلْ.

وما نصحَ نفسه ولا نصحَ غيره ولا صدَقَ فتهرّبَ من ذلك المنبر القدسيّ العظيم.

وصارَ واجهةً وشيخاً ويُقبِلُ عليه المريدون والطالبونَ وهو مُقبِلٌ عليهم وفرحانٌ بهم، هم يشيّخونَهُ وهو فرِحٌ بشيءٍ لا يملِكُهُ. غاشٌّ لدين الله ولهؤلاء الذين جاؤوا يطلبون وجه الله ..
فظهرَ الأشباهُ والأدعياءُ .. وقسَتِ القلوب .. وفاقِدُ الشيء لا يُعطيه.

بلْ من كان غاشاًّ هنا فهذا أخطرُ من طالبِ الدّنيا والجاه بالدّنيا، هذا يطلبُ الدّنيا بالدّين.

بل يطلبُ الدّنيا بأقدَسِ طريقٍ دلّ على الله وقامَ فيه أولياءُ الله .. فلبّسَ وشوّه، وبانَتْ سقَطاتُه وجشَعُهُ وصارَ يقبلُ العطايا بل عينُهُ وقلبُهُ على العطايا والهدايا والدّنيا والجاه ... فصارَ مرتَعاً للشهواتِ والحظوظ والطمع والدّنيا .. وقد كانَ هذا الطّريقُ طريقُ التقدّيس وقتلِ الحظوظ والطمع وحبِّ الدّنيا.

بل وظهرَ منهم نماذجٌ يتصارعونَ على مريَسَةِ المجالس والهيئات ؟؟؟

فكيفَ يكونُ مثل هؤلاء؟ وكيف يكونُ من كان حولهم ومعهم من الطلبة والمريدين؟
أحمدُ
11-29-2011, 10:38 AM
الجامع لمراتب الوجود .. إمام الأئمة المهدي


لا يمكنك مشاهدة الروابط قبل الرد 94f228e6db97f04g.jpg


إنّ الكلام على الفسادِ بمستوياتِه ومجالاته فسيحٌ كبيرٌ .. فما على الأرضِ اليومَ أكثرَ من شكاوى المستضعفين وضياع الحقائق والدّين، وغياب الصّدق واليقين، واختلاط الحقّ بالباطل، وأنينَ الصّادقين المتحرّقين، وغيظ المؤمنين، وانحراف المناهج، وانقلاب المفاهيم، وصيرورة الحقّ باطلاً والباطل حقّاً، والمعروف منكراً والمنكر معروفاً .. فمهما تكلّمتَ فقد اختصرتَ، ومهما أطنَبتَ فقد اقتصدتَ...

زمانٌ أعطت الدّنيا للنّاس وجهها القبيح، أقبح وجهٍ وأخبثَ وجه وأقسى وجه ..

الكلامُ فقَد بريقَهُ، إلاّ قليلاً محمولاً على أرديَةِ الصّونِ والجمال والصّدقِ والمثال ..

والحقُّ فقدَ بوصلتَهُ في القلوبِ فقدْ كسرَ اسطرلابها الزمانُ السّفيهُ ..

النّاسُ تبحثُ عمّن يشفي جراحها المكلومة، ومن يأخذُ بيدِها المهزومة .. والنّاسُ تعلّقتْ بزينة الحياة الدّنيا وبهرجِها .. فطوبى لمنْ كسرَتْهُ الأيّامُ في هذا الزمان ليعودَ من بهارجها وزخرفها المهلك الى حقيقتِها في طلبِ الحقّ واللجوء الى الواحد الديّان ..

من علاماتِ هذا الزمان أن تجِدَ المحبوب من ربّ الوجودِ مبتلى ومهيض الجناح ومكسور الخاطر .. حتى يسلّيهِ عن طلبِ الدّنيا، ويصطفيه اليه وقد تمادى النّاسُ في الحظوظ والشهوات الى أبعدِ الحدود ..

ثمّ إنّ الله جعلَ سيّد الزمانِ وحامل لواء العزّة والبشرى المهديّ، جعلَ سبيلَهُ قبل الظهور، الغربة والحيرة والمفاوز، والعزلة عن النّاس كما قال الحكيم الترمذي رضي الله عنه وكما قال أكابرُ العارفين ..

عبْدٌ صفتُهُ الصّدقُ، وعبدٌ صفتُه أنّ الله تولاّه به، لا يكِلُهُ الى نفسه، ..

عبْدٌ كيْ يحملَ سرّ الإسم الأعظم ويتحقّق به، تبدأُ رحلتَهُ من جميع مراحلِ الضعف والانكسارِ .. فيتقوّى شيئاً فشيئاً.

فصفةُ الختمِ أنّه جامعٌ لمراتبِ الوجودِ جميعاً.

وصفتُهُ أنّه وليٌّ ولِيَ اللهُ أمرَهُ فأعطى كلّ مرتبةٍ وجوديّة حقّها، وكُلَّ تجلٍّ عدْلَهُ .. حتّى يأتي الى أعلى المراتب والفُصوص النبويّة فيتحقّقُ بها جميعاً.

ويتحّقّقُ بها على الوجه الأحقّ الأكملِ كما لم يسبقهُ فيها أحدٌ.

وما منْ فصٍّ نبويٍّ إلاّ ويبرعُ فيه ويتفوّقُ ويسدُّ الثغرة التي قامتْ فيه ...

ذلك ليُعلَمَ ويُحقَّ اللهُ أمام السّادة والخلق : أنبياءً وأولياءً وملائكةً وخلقاً أنّه العبدُ المحظوظ الفردُ المجذوب المجتبى ..

ليس وراءَ فُصوصِهِ وسعيِهِ مرمى لرامٍ.


۩ஜ۩۩ஜ۩۩ஜ۩


قال الشيخ عبد الكريم الجيلي قدّس الله سرّه في كتابه "الإنسان الكامل"، يصِفُ حقيقة المهديّ الخاتم الوليّ:

(فقد سبق أن قلنا أن الحقّ إذا تجلّى على عبده وأفناه عن نفسه قام فيه لطيفة إلهية، فتلك اللّطيفة قد تكونُ ذاتية وقد تكونُ صفاتية، فإذا كانت ذاتية كان ذلك الهيكل الإنسانيّ هو الفرد الكامل والغوث الجامع، عليه يدورُ الوجود، وله يكون الركوع والسجود، وبه يحفظ الله العالم، وهو المعبّر عنه بالمهدي والخاتم وهو الخليفة، وأشار إليه في قصة آدم، تنجذبُ حقائق الموجودات إلى امتثال أمره انجذاب الحديد إلى المغناطيس، ويقهر الكون بعظمته ويفعل ما يشاء بقدرته، فلا يُحجبُ عنه شيء، وذلك أنّه لمّا كانت هذه اللطيفة الإلهية في هذا الوليّ ذاتاً ساذجاً غير مقيّد برتبة لا حقيقة إلهية ولا خلقيّة عبديّة، أعطى كلّ رتبة من رتبة الموجودات الإلهية الخلقية حقّها، ...) -اهـ- من كتاب الانسان الكامل.

فقد أعطى هذا الوليّ الختمُ كلّ مرتبة حقّيةٍ وخلقيّة حقّها .. وجمع جميع مراتبَ الوجودِ. بذاتِه السّاذج سرّ الوصلِ والفصلِ.

وحظُّ هذا العبدِ من الأسماء، جميع الأسماء الإلهيةِ، فاستوى على اسمِها الأعظم خليفةً، متحقّقاً بلا انفصالٍ بل باتّصالٍ فكان كما قالَ الشيخ الجيلي قامَ فيه الحقّ لطيفةً ذاتيّةً وغيرُهُ قامَ فيه الحقّ لطيفةً صفاتية.

ولهذا سُمّيَ عنقاء مغرب، والختم ، والخليفة ، والمهديّ ... إنّه العنقاءُ الطّيرُ الأسطوريّ بين الوجود والعدم، بين الحقيقة والخيال، ولذلك قامَ الكتمُ حول حقيقتِه وخصوصيتِه ... ولذلك تأخّر ظهورُهُ إلى آخر الزّمان.

حتّى الكثير الكثير من المتصوّفة الواقفينَ دونَ الحقائق وطرائق السّلوك القويم، ليس لهم علمٌ بهذا، وبحقيقة العنقاء والختم، فقد ألغزَ حقائقَه وخصاله ومرتبتَهُ الشيخ الأكبر جهبذُ المحقّقين الصّوفية قدّس الله سرّه، فما اسطاعَ الدّخلاءُ أن يصِلوا إلى حقيقةِ هذا الختمِ وهويّتهِ .. أمّا الأمناءُ فأولئك للسرّ حافظون.

وقال الشيخ الأكبر ستظهرُ في زمنِه الحقائق وينكشِفُ سرّ هذا الجدار والكتم القائم حوله، إنّه سرُّ الرّبوبية بل سرُّ الأسرار..

طوبى للأرض والسّماء بظهور سيّد الأولياء وخاتمهم : الوليُّ النبيّ الرّسول الجامع للمراتبِ كلّها، البرزخُ بين النبوّة والولاية، الذاتيُّ السيّدُ الصّمدُ.

إنّهُ المهديُّ .. فارتقِبْ مزيداً من حقائقه إن كنتَ من المستبشرين والمصدّقين. ولن ينفعَكَ اليومَ إنكارُك، فقد آذنَ السيّدُ بالظهور ... البشيرُ النّذيرُ الخليفة.

إنّ أوّلَ حقائق مرتبة هذا الخليفة أنّ أصحابه في الأحاديث الصّحيحة أفضل وخير من صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم .. وأنّ شهداءَهُ أفضلَ الشهداء عند الله سبحانه.

فليسَ ذلك إلاّ بفضلِ المهديّ، فما فَضُلَ صحابة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم على غيرهم وسبقوا إلاّ بفضلِ النبيّ سيّد ولد آدم ونبيّ الأنبياء عليه وعليهم الصلاة السلام جميعا.

وكذلك أصحابُ المهدي ما بلغوا تلك الخيريّة والفضل وسبقوا صحابة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلاّ بفضل المهدي عليه السلام.

* جاء في مستدرك الحاكم : عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : لَمَّا اشْتَدَّ جَزَعُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلمَّعَلَى مَنْ قُتِلَ يَوْمَ مُؤْتَةَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : " لَيُدْرِكَنَّ الدَّجَّالُ قَوْمًا مِثْلَكُمْ أَوْ خَيْرًا مِنْكُمْ ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، وَلَنْ يَخْزِيَ اللَّهُ أُمَّةً ، أَنَا أَوَّلُهَا ، وَعِيسَى بْنُ مَرْيَمَ آخِرُهَا " . هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ .


الحكم على الحديث : إسناده متصل، رجاله ثقات.




* قال النبي صلى الله عليه وسلم (مثل أمّتي مثل المطر لا يُدرى أوّله خير أم آخره) رواه أحمد والترمذي والطبراني في الأوسط.
إسناده صحيح.


* عن أبي محيريز ، قال : قلت لأبي جمعة - رجل من الصحابة - : حدثنا حديثا سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : نعم ، أحدثكم حديثا جيدا ، تغدينا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ومعنا أبو عبيدة بن الجراح ، فقال : يا رسول الله !أحد خير منا ؟ أسلمنا وجاهدنا معك ؟ ! قال : نعم ، قوم يكونون من بعدكم ؛ يؤمنون بي ولم يروني .


خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح 


* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما من نبي إلا وقد أنذر قومه المسيخ الدجال لقد أنذر نوح قومه ولعله سيدركه بعض من رأى أو سمع كلامي قالوا يا رسول الله فكيف قلوبنا يومئذ قال مثلها يعني اليوم أو خير ولكن سأقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه تعلمون أنه أعور وإن ربكم ليس بأعور وتعلمون أنه لن يرى أحد منكم ربه حتى يموت وأنه مكتوب بين عينيه كافر يقرأه من كره عمله)


خلاصة حكم المحدث: صحيح


...... الخ من الأحاديث الصحيحة وما دونها في فضل أصحاب المهدي عليه السلام.

۩ஜ۩۩ஜ۩۩ஜ۩

قال الشيخ الأكبر قدس الله سره
في فصل (اثبات الامامة على الاطلاق من غير اختلاف)
في كتاب (عنقاء مغرب في معرفة ختم الاولياء و شمس المغرب)

(... فقد صحّت المبايعة للخليفة وفاز بالرتبة الشريفة وإن توجّه اعتراض فلا سبيل إلى القلوب المنعوتة بالمراض، ولمّا كان الحقُّ تعالى الإمام الأعلى والمتّبع الأولى قال:
(إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ)
ولا ينالُ هدا المقام إلاّ جسمٌ بعد النبيّ المصطفى الأعظم صلّى الله عليه و سلم إّلا ختم الأولياء الأطول الأكرم) اه

فهنا يحدّدُ الشيخُ الأكبر أن الإمامة بإطلاق من غير اختلاف كانت للخليفة ختم الأولياء وأنّه خليفة الله. وانظر في الآية التي جمعت بين ضميرين أحدهما ضمير الرسول صلّى الله عليه وسلّم والضمير الثاني خليفة الله تعالى.

يتبع ..
أحمدُ
12-01-2011, 09:29 AM
أحمد المهديّ .. وعلاقتُه بالدجّال وروح الله عليه السلام ..


لبسم الله الرحمن الرحيم


إنّ حظّ المهدي من الأسماء كما ذكرنا هو منتهاها، وجامع الحضرة الأسمائية "الله" .. وإلى هذا يُشيرُ الحكيم الترمذي رضي الله عنه :

من كتاب ختم الأولياء يصِفُ لنا مقام ختم الأولياء وحظّهُ من الأسماء:

((اعلم: أن الله سبحانه، عرف العباد أسماءه. ولكل اسم مُلك، وكل مُلك سلطان، وفي كل مُلك مجلس ونجوى وهدايا لأهلها.

وجعل الله لقلوب خاصته، من الأولياء، هناك مقامات، " يعني " أولئك الأولياء الذين تخطوا من المكان إلى الملك.

فرُبّ وليّ مقامه في أول ملك، وله من أسمائه ذلك الاسم. وربّ وليّ مقامه التخطي إلى ملك ثان وثالث ورابع. فكلما تخطى إلى ملك أعطى ذلك الاسم؛ حتى يكون الذي يتخطى جميع ذلك إلى ملك الوحدانية الفردانية هو الذي يأخذ بجميع حظوظه من الأسماء. وهو محظوظ من ربه، وهو سيّد الأولياء؛ وله ختم الولاية من ربّه.

فإذا بلغ المنتهى من أسمائه؛ فإلى أين يذهب؟ وقد صار إلى الباطن الذي انقطعت عنه الصفات.)) اه.

فينالُ ختمُ الأولياء المهدي الحضرة الأسمائية الجامعة اي الحضرة الذاتية والاسم الذاتيّ الأعظم "الله"، إسمٌ ذاتيّ علَمٌ على الذات .. ليس له وجهٌ الى الصّفات .. وليس له وجهٌ الى الصّفات تعني أنّه لم يتقيّدْ بصفةٍ أو مرتبة وجوديّة دون مرتبة، سواء كانتْ حقيّة أوخلقِيّة .. بل كانَ جامِعاً لجميع مراتبِ الوجود.

ولذلك كانت حليةُ المهديّ الأحمديّة، وكان باطن النبيّ سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم هي الأحمديّة، وكذلك الرّحمانيّة باطنُها حضرةُ الله، واسمُ الله متضمّنٌ لاسم الرّحمن الجامع لباقي الأسماء وهو فوقهُ لجمعه مراتب الوجود بإطلاقها على تنوّعاتها.

فاسمُ الرّحمن هو الاسم الجامع الثانيّ بعد اسم الله الذي يتوسّطُ حضرة الله وحضرة الصفات.. فله وجهٌ الى الصفات هو محمّد ولهُ وجه الى الاسم الأعظم هو أحمد.

وإنّكَ لهذا السّببِ تفهَمُ بِشارَةَ سيّدنا عيسى المسيح روح الله بقدومِ النبيّ سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم باسمِ أحمد.

فإنّه بشّرَ بالوجه الأحمديّ للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وهو الوجه الذي نالَ به النبيّ سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم الخصوصية والعبوديّة والقرب الذي لا يُدانيهِ قربٌ من الله سبحانه عزّ وجلّ.

قال الله تعالى ((وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ)) -الصف 6-


وإنّكَ تفهَمُ هنا، حقائقاً كبرى .. أنّ علاقة سيّدنا عيسى روح الله عليه السلام مرتبطةٌ بالمهديّ .. لذلك كانَ نزولُهُ في آخر الزمان في قطبّية المهدي، ليقتلَ الدجّال ويدخلَ بذلك المهديّ حضرة الختمية والحضرة الأسمائيّة الجامعة ..

فهو سيدنا عيسى المسيح "روح الله" .. روحُ القدُس .. إنّهُ التجريد والرّوح بين حضرة الرّبوبيّة وحضرة الله .. بين الحضرة الذاتية والحضرة الصفاتية القائمة دون الرّحمانيّة، فالرّحمانية هي أعلى رتب الوجود وهي مجلى الكمالات الحقيّة في مقام التعيّن والظهور والأكوان .. والوصول الى هذا السّقف الأخلاقي مقام البقاء الذاتيّ يتمُّ بحضرة الأسماء الذاتيّة التي يمثّلُها روح القدس وروح الله سيّدنا المسيح عليه السلام.. لذلكَ تأخّر ظهورُ المهديّ الى النّهاية.

المهديُّ هو الرّوحُ الذي ينفخُ في الإسلامِ بعد موتِ الرّوحِ فيه بتراكماتِ الزمان وفساده ..
قال بعضُ العارفين رضي الله عنه "إذا كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قد بُعثَ بالهدى فإنّ المهدي سيُبعثُ في آخر الزمان لينفخً الرّوح في هذا الهدى"

لأنّ المهديّ بكلّ بساطة هو الرّوح الإلهي بذاته ، فهو الذات الكاملة والخليفة وإمام الأئمّة .. وما تأخّر ظهورُه إلاّ لأنّ ظهورُهُ هو نهاية قصّة الأسماء والخلافة الإنسانيّة على الأرض، وبه تتجلّى كلّ الحضرات ويظهرُ في زمنه أقطاب هذه الحضرات : قطب الشرّ الدجّال وقطب الوجود المهدي الختم وروح المهدي المسيح عليه السلام. فيجمعُ مراتب الوجود في سيرته ثمّ يكونُ الختامُ الخلافة المثالية وقتل الدجّال.

ولأنّ حضرة المهدي هي حضرة الإفشاء والكتم به تظهرُ الحقائق والأسرار، وبه تظهرُ الحقيقة الأحديّة ..

ولأنّ المهديّ من سبقَهُ من الأنبياء والرّسل والأولياء عليهم السلام جميعهم كانوا دالين على حضرته الجامعة ومبشّرينَ بها، ولأنّه هو عنوان التوحيد وحقيقة التوحيد وحضرة التوحيد الجامعة ... وهو سرُّ الوصلِ والفصلِ الذي تعرّفَ به الأنبياءُ والأولياء والرّسلُ على التوحيد ... فهو الذات والخليفة الجامع للرّتب والكمالات والتفاصيل.




۩ஜ۩۩ஜ۩۩ஜ۩

قال الله تعالى ((وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ))

لاحظ أنّ سيّدنا عيسى مرتبطٌ بالمهديّ وينزلُ في زمانه وبشّرَ بهِ "أحمد"، وبشّرَ بالوجه الذي تشرّفَ به النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فكان خاتم الأنبياء وسيّد ولد آدم، وكانتْ أخلاقُه أخلاق القرآن وأخلاق الله عزّ وجلّ.

فالمهديُّ هو أحمدُ .. الذي بشّرَ به المسيح عليه السلام ..
لأنّ الأحمدية كما قلنا هي الرّوح المحمديّة، وهذه الروح ما هي سوى المهدي عليه السلام. قال الله تعالى {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.} [الشورى:52] .. فالآية فيها التشريف الأعظم للنّبي صلّى الله عليه وسلّم إذ تُخبِرُ أنّ الله أكرمه بوجهٍ كاملٍ من وجوه هذا الروح الإلهي. فاسم الروح "أمرُ الله" كما قال الله تعالى من أمرنا ..واسمُ المهدي القائمُ بأمر الله فهو ذاتُه هذا الرّوح الإلهي أو الرّوح الإنسانيّ الكامل.

فتفهمُ أنّ المسيح عليه السلام بشّر بالروح والأحمدية روح الحبيب المصطفى صلّى الله عليه وسلّم .. وأحمدُ هو المهدي عليه السلام.

ولذلك رفعَ الله سيّدنا عيسى عليه السلام لينزلَ في آخر الزمان .. وسوف تجدُ أنّ البعثة الأولى لسيّدنا عيسى عليه السلام في بني إسرائيل نجَمَ عنها تأليهه .. وانحرَفَ بها قومُه .. لأنّ الله أيّدَ سيّدنا عيسى بالرّوح القدُس، واسمُ نبيّ الله عيسى روحُ الله وكلمتُه .. يُحيي بإذن الله ويُبرِئُ بإذن الله ..

وقالَ محقّقي العافين بالله أنّ سيّدنا موسى عليه السلام تعرّفَ الى الله باسمهِ الربّ ..

قال الله تعالى ((وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ)) سورة الأعراف 143

وكانَ سيّدنا عيسى عليه السلام آخر نبيّ في بني إسرائيل فبعثه الله ليُحيي روح الدين، ويُظهرَ الجانبَ المكتوم من نبيّ الله موسى عليه السلام، وهو روحُ القدَس المتوسّط بين الربّوبية والألوهية.

ولذلك لمّا ظهرَ بذلك الرّوح رسولاً كفر قومُه وانحرفوا فألّهوه .. وأشركوا بالله في حقيقته، وهي فتنة لقومه كبرى ...

فما صحّ نزولُ المسيح روح الله عليه السلام وظهوره إلاّ في زمن المهديّ وقطبيّته، فالمهديّ هو الذي حازَ سرّ الكمال والذات .. فكان الجسمَ الأعظم الذي ينزلُ فيه روحُ القدُس .. فهو أحمد وهو الحقّ وهو القائم بأمر الله.

بل إنّك لتعلمَ هنا سرّ الدجّال الذي يظهرُ في آخر الزمان في قطبيّة المهدي .. فما ظهرَ الدجّالُ إلاّ بسرّ حقائق الأسماء في الأكوان وآثارِها.. فلمّا فسدَ الزمان وماتت الرّوح انقطعَ مددُ الحضرة الرّحمانية عن الأكوان .. فظهرَ الدجّالُ مدّعياً الرّبوبيّة وليس لهُ الوجهُ الإلهيّ منها كما كان لأنبياء الله ومنهم سيّدنا موسى عليه السلام الذي خصّ بهذا الاسم .. ولكنّه مؤيّد بالوجه الإلهي فهو رسولٌ ومن أولي العزم ومبلّغٌ عن الله سبحانه.

ولهذا كان الدجّالُ ادّعى الرّبوبية ولهذا السرّ فهو أعورُ الحقيقة والظاهر، ليس له سوى الوجه الخَلْقي والمادّي وليس له وجهٌ الى الألوهيّة البتّة .. فظهرَ أعوراً، وظهرَ منتكس الحقائق، داعية الشرّ مطموس البصيرة، أكبر فتنة في الأرض.

فلا يَقتُلُ الدجاّل سوى مقلوبِه وهو المسيح روحُ الله عليه السّلام الوجه الإلهي للرّبوبيّة .. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَمْ يُسَلَّطْ عَلَى قَتْلِ الدَّجَّالِ إِلَّا عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ".

والدجّالُ إنّما يظهرُ أوّلاً في قطبيّة المهدي المجذوب، لأنّه القطب المجذوب الذي يُسلّطُ على الأكوانِ ليُقابِلَ جميع الحقائق والأسماء بأضدادِها بسرّ قائمِ أحديّته واسمه الأعظم المودعِ فيه .. ويجمعَ جميع المراتب بأضدادِها.

ويُقابلُ نزول المسيح عليه السلام في الظاهر عند باب لدّ، يُقابِلُهُ نزول روح الله على المهديّ يوم يُصلحه الله في ليلة.. فيتحقّقُ المهديّ بالمرتبة الكاملة للألوهيّة ... ويكونُ خليفة الله صاحب الإسم الأعظم، وأحمدُ المنتظرُ السيّدُ الصّمدُ .. الجامع للأحمديّة والمحمديّة، صاحبُ أخلاق الله على الحقيقة ..

لذلك كانَ المهديّ عليه السلام يظهرُ وجههُ كالكوكبِ الدريّ نوراً، لهُ نورين نورُ الذات ونور الصّفات، نور النبوّة ونور الولاية .. أحسن النّاسِ وجهاً جسمُه إسرائيليّ ولونُه عربيّ، جسمُه إسرائيليّ كنايةً على الجمال اليوسفيّ والخِلقة الموسويّة القويّة .. واللّون عربيّ فهو من ولدِ النبيّ العربيّ الأميّ سيدّ ولدِ آدم صلّى الله عليه وسلّم. وكنايةً على الجمع بين المراتب والنّسبتين اللّتينِ تتفرّعان عنه : روح القدس للمسيح عليه السلام والنسب الشريف من النبيّ صلّى الله عليه وسلّم تشريفاً وإقراراً لعين النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.

ليسَ لهُ ظلٌّ أبداً .. نورٌ على نورٌ أخلاقُه أخلاق الله عزّ وجلّ، فهو خليفة الله الأكمل.

يُحيي لو شاء الأموات، ويغرسُ العود في الأرض فيخضرّ ويُورِق.. منصورٌ ظاهِرٌ، رحيمٌ بالمساكين رحمة ورأفة لا نظيرَ لها، شديدٌ على العمّال، وشديدٌ على الأعداء والخصوم.. لا يخافُ في الله لومة لائم .. سيرته بين اللّين والعنف .. إذا ظهر أقامَ العدل بدقّته وكماله .. ويُبيدُ الظلم والظالمين إبادة من غير رحمة .. فهو رحمةٌ للمؤمنين والمستضعفين، نقمة على المفسدين والجبابرة .. حتّى يتصايحُ هؤلاء المفسدون : هذا ليس من ولد فاطمة - عليها السلام-، لوكان من ولدها لرحمنا .. ولكنّ المهديّ إذا ظهر فلن يرحمَ جبّاراً ومفسِداً غاشّاً للنّاس .. كما أنّ رحمته بالمستضعفين عظيمة، تصفُه بعض الآثار كأنّما يُطعمُهم الزّبد .. كأنّما أمّ رؤومٌ حنونٌ تُطعِمُ أولادها الصّغار وأكثر .. من عظيم رحمته وهو أرحمُ الرّاحمين ..

۩ஜ۩۩ஜ۩۩ஜ۩


قال الله تعالى ((وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ))

أريدُ أن أضيف مختصراً مفيداً في الباب وشرحاً أنصعاً ان شاء الله :

الآية الكريمة نزلت مبشّرةً بقدوم أحمد وهو الرّوح الإنسانيّ الكامل روح أهل الكمال .. هذا الرّوح هو الحقّ المخلوق به وهو عينُ المهدي عليه السلام.

وتفهَمُ حقيقة ما قلناه من قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم"لن تهلك أمة أنا أولها وعيسى بن مريم في آخرها والمهدي في وسطها"

فالحديث الشريف ذكر المهدي في الوسط بين بعثة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ونزول المسيح عليه السلام. وبلاغة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لا يُمكنُ أن تقصِدَ بعثة المهدي في آخر الزمان التي هي محاذية متداخلة مع نزول المسيح عليه السلام.

فدلّ الحديث على حقيقة الحقائق وسرّ المهدي عليه السلام من كونِه الختم العليّ الذي به ظهرَ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كاملاً مكمّلاً حاملاً للكمالات الحقيّة ومتحقّقاً بالإسم الأعظم. ودلّ على روح أهل الكمال الأولياء جميعهم الذين سيظهرون في الأمّة المحمديّة الى نهايتها فليست روحهم سوى الروح الإنسانيّ الكامل.

قال الله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ)

تفهمُ من هذه الآية حقيقة أنّ الصحابة رضوان الله عليهم بايعوا الأحمدية في رسول الله سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم، أي بايعوا الخليفة القائم باسم الله ..
فقال الله تعالى إنّ الذين يُبايعونك إنّما يُبايعون الله في الحقيقة .. وهذا غاية التشريف والجمعية للحبيب المصطفى صلّى الله عليه وسلّم بربّه.

فقلنا هذا هو معنى الحديث النبويّ الشريف "والمهدي في وسطها" وهو يشرحُ ما قلناهُ من كونِ المبشّرِ به هو أحمد المهدي الختم العليّ روح الحبيب المصطفى صلّى الله عليه وسلّم .. وتنطبِقُ هذه البشارةُ أوّلاً على النبيّ الخاتم سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم. لأنّ الله خصّه كما ذكرنا أعلاه بوجهٍ كامل من أمر الله وهو اسم الرّوح الإنسانيّ .. وجميعُ الأطهار الكمّل والمربّين والصدّيقين روحُهم هي هذا الروح الانسانيّ الكامل ولكن تفاوتوا في الاستمداد منه. وما اتّصلَ به سوى العلم على الذات المهدي فهو الخليفة. فلا يكمُلُ العبد ولا يدخلُ الحضرة الجبروتية البرزخية إلاّ بلباس الختم العليّ والخليفة.

فبشّرَ المسيحُ عليه السلام بالخليفة وبحضرة الختم والأحمدية ... بإسم أحمد حيثُ تُختَمُ حضرة الإسم الأعظم بنزول المسيح وحكمه في آخر الزمان ثمّ تهبُّ الريح الليّنة التي تقبض أرواح المؤمنين والموحّدين.

فكلّ كامل ومرشدٍ وفردٍ ظهر من أولياء هذه الأمّة ما كملَ إلاّ بلباس الختمِ عليه السلام فكانت حضرة المهدي هي الحضرة الوسطى ببعثة الحبيب المصطفى صلّى الله عليه وسلّم الى نهاية الدّنيا بظهور الختم العليّ الذي تنكشِفُ به الحقائق وينقضُ جدار الكتم ويستخرجُ الكنز وتقومُ دولة العزّ والخلافة الإلهية بصاحبها الخليفة العلم على الذات عليه الصلاة والسلام.

وهذا المعنى سوف تقرؤه في قصيدة الشيخ الأكبر في مقدّمة الفتوحات المكيّة :

قال رضي الله عنه :




ومتى وقعتَ على مفتِّش حكمةٍ... مستُورةٍ في الغضّة الحوراء
مُتحيّرٍ مُتشوّفٍ قلنا له... يا طالب الأسرار في الإسراء
أسرِعْ فقد ظفِرَتْ يداك بجامِعٍ... لحقائق الأموات والأحياء
نظرَ الوجودَ فكان تحت نعاله... من مستواهُ إلى قرارِ الماء
ما فوقه من غاية يعنُو لها... إلّاهُ فَهْوَ مَصِّرِفُ الأشياء
لبِسَ الرِّداء تنزُّهاً وإزارُهُ... لما أراد تكوّن الإنشاءِ
فإذا أراد تمتُّعًا بوجوده... من غير ما نظرٍ إلى الرّقبَاء
شالَ الرِّداء فلمْ يكنْ متكبِّرًا... وإزارَ تعظيمٍ على القرنَاءِ
فبدا وجودٌ لا تقيُّدُه لنا... صفة ولا إسمٌ من الأسماء
إنْ قيل من هذا ومن تعني به... قلنا المحقّقُ آمِرُ الأمراء
شمسُ الحقيقة قطبها وإمامُها... سرّ العباد وعالمُ العلماء
عبدٌ تسَوَّدَ وجهه من همِّهِ... نورُ البصائر خاتِمِ الخلفاء
سهل الخلائقِ طيّبٌ عذبُ الجنى... غوثُ الخلائق أرحَمُ الرُّحماء
جَلَّتْ صفاتُ جلالِهِ وجمالِهِ... وبهاءُ عزّتِهِ عَنِ النُّظراء
يُمضي المشيئة في البنين مقسِّمًا... بين العبيد الصُّمِّ والأجراء
ما زال سائِسَ أمّة كانت به... محفوظةَ الأنحاء والأرجاء
شرْيٌ إذا نازعته في مُلْكِهِ... أرْيٌ إذا ما جئته لحبَاء
صَلْبٌ ولكن ليّنٌ لعُفَاتِهِ... كالماء يجري منْ صَفَا صَمَّاء
يُغني ويُفقِرُ من يشاءُ فأمرُهُ... محيي الولاة ومُهْلِكُ الأعداء
لا أنْسَ إذ قال الإمامُ مقالةً... عنها يُقَصِّرُ أخطَبُ الخطباء
كنّا بنا ورِدَاءُ وَصْلِي جامِعٌ... لذواتنا فأنا بحيثُ ردائي
فانظُرْ إلى السّرّ المكتّم درّةً... مجلوَّةً في اللُّجَةِ العمياء
حتى يَحَارُ الخَلْقُ في تكْيِيفِها... عَيْنًا كحبرة عودة الإبداء
عجَبًا لها لم تخفِها أصدافُها... الشمس تنفي حُنْدَسِ الظلماء
فإذا أتى بالسّرّ عبدٌ هكذا... قيل اكتبُوا عبدي منَ الأمناء
إن كان يبدي السّرّ مستورًا فما... تدري به أرضي فكيف سمائي
لما أتيتُ ببعض وصْفِ جلاله... إذ كانَ عيٌّ واقفًا بحذائي
قالوا لقد ألحقتَهُ بإلهَنِاَ... في الذات والأوصاف والأسماء
فبأيّ معنى تعرفُ الحقّ الذي... سوّاك خلْقًا في دُجَى الأحشاء
قلنا صدقتَ وهل عرفتَ محقِّقًا... من موجِدِ الكونِ الأعمِّ سوائي
فإذا مدحتُ فإنمّا أثني على... نفسي فنفسي عينُ ذاتِ ثنائي
وإذا أردْتُ تعرّفا بوجوده... قسّمْتُ ما عندي على الغرماء
وَعَدِمْتُ من عيني فكان وجودُه... فظهورُه وقْفٌ على إخفائي
جلَّ الإله الحقّ أن يبدو لنا... فرْدًا وعيني ظاهِرٌ وبقائي
لو كان ذاك لكان فردا طالبا... متجسّسا متحسّسا لثنائي
هذا محال فليصحّ وجودُه... في غيبتي عن عيْنِه وفنائي
فمتى ظهرتُ إليكمُ أخفيته... إخفاء عين الشمس في الأنواء
فالنّاظرُون يَرَوْنَ نصبَ عيونهم... سُحُبًا تُصَرِّفُها يَدُ الأهواء
والشمس خلف الغيم تبدي نورها... للسّحْبِ والأبصارُ في الظلماء
فيقولُ قد بخِلَتْ عليّ وإنّها... مشغولة بتحلّلِ الأجزاء
لِتَجُودَ بالمطر الغزير على الثرى... من غير ما نَصَبٍ ولا إعياء
وكذاك عند شروقها في نورها... تمحُو طوَاِلَع نجم كل سماء
فإذا مضت بعد الغروب بساعة... ظهرَتْ لعينك أنجمُ الجوزاء
هذا لميِّتِها وذاك لحيّها... في ذاتها وتقول حسن رآء
فخفاؤه من أجلنا وظهوره... من أجله والرّمز في الأفياء
كخفائنا من أجله وظهورنا... من أجلنا فسناهُ عين ضيائي
ثم التَفِتْ بالعكس رمزا ثانيا... جلَّت عوارفُه عن الإحصاء
فكأنّنا سيّان في أعياننا... كصفا الزجاجة في صفا الصّهباء
فالعلم يشهدُ مخلصين تآلُفا... والعين تعطي واحدًا للرّائي
فالرّوحُ ملتذ بمبدعِ ذاتِهِ... وبذاته من جانب الأكفاء
والحسُّ ملتذ برؤية ربِّه... فَانٍ عن الإحساس بالنّعماء
فالله أكبر والكبيرُ ردائي... والنور بدري والضياء ذكائي
والشرقُ غربي والمغاربُ مشرقي... والبُعدُ قُربي والدنوّ تنائي
والنّارُ غيبي والجنان شهادتي... وحقائقُ الخلْقِ الجديد إمائي
فإذا أردْتُ تنزّهًا في روضتى... أبصَرْتُ كلّ الخلْقِ فيّ مرائي
وإذا انصَرَفْتُ أنا الإمام وليس لي... أحَدٌ أخلِّفُهُ يكونُ ورائي
فالحمدُ لله الذي أنا جامع... لحقائق المنشيّ والإنشاء
هذا قريضي مُنبئ بعجائبٍ... ضاقَتْ مسالِكُها على الفصحاء


۩ஜ۩۩ஜ۩۩ஜ۩
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
راية الجهاد

راية الجهاد


عدد المساهمات : 3319
تاريخ التسجيل : 07/10/2010

ارشيف النسخة الكاملة : حقيقة المهدي، قطبا مجذوبا قبل ظهوره وإماما جامعا عند ظهوره .. Empty
مُساهمةموضوع: رد: ارشيف النسخة الكاملة : حقيقة المهدي، قطبا مجذوبا قبل ظهوره وإماما جامعا عند ظهوره ..   ارشيف النسخة الكاملة : حقيقة المهدي، قطبا مجذوبا قبل ظهوره وإماما جامعا عند ظهوره .. Emptyالسبت سبتمبر 07, 2013 11:33 pm

12-01-2011, 10:46 AM
لن تهلك أمة أنا أولها وعيسى بن مريم في آخرها والمهدي في وسطها



لبسم الله الرّحمن الرّحيم


* جاء في مستدرك الحاكم : عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : لَمَّا اشْتَدَّ جَزَعُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلمَّعَلَى مَنْ قُتِلَ يَوْمَ مُؤْتَةَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : " لَيُدْرِكَنَّ الدَّجَّالُ قَوْمًا مِثْلَكُمْ أَوْ خَيْرًا مِنْكُمْ ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، وَلَنْ يَخْزِيَ اللَّهُ أُمَّةً ، أَنَا أَوَّلُهَا ، وَعِيسَى بْنُ مَرْيَمَ آخِرُهَا " . هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ .

الحكم على الحديث : إسناده متصل، رجاله ثقات


* قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : ((لن يُخزيَ الله أمّة أنا في أوّلها، وعيسى في آخرها)). أخرجه ابن أبي شيبة والحكيم الترمذي والحاكم وصححه. وصحّحه الحافظ ابن حجر في (فتح الباري).

* عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لن تهلك أمة أنا أولها وعيسى بن مريم في آخرها والمهدي في وسطها) أخرجه أحمد

۩ஜ۩۩ஜ۩۩ஜ۩

إنّ حقيقةَ المهديّ وشرفَ هذه الأمّة الأعلى يظهرُ في هذا الحديث النبويّ الشريف، وقد أشرنا لذلك في المقالِ السّابق.. إذ قلنا أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بُعِثَ بالرّحمانيّة أعلى مراتب الوجود.

لأنّ الله سبحانه عزّ وجلّ ما ظهرَ في الوجود إلاّ بالرّحمانيّة .. قال الله تعالى ((الرّحمن على العرش استوى)) سورة طه -5-

فكان الظاهر بها، لأنّها الحضرة البرزخيّة بين الذات والصّفات .. فكانتْ مجلى الظهور، وكانت أعلى مراتب الوجود .. ولذلك تفهمُ حقيقة كونِ أنّه لولا النبيّ سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم ما خلق الله الكون والخلق .. هكذا اقتضتْ مراتب التوحيد، وحقائقُ الأسماء.

فكانت الرّحمانيّة أعلى مراتب الوجود، وبها نالَ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم الأحمديّة والمحمديّة الكاملة .. وكانَ أقربَ وأعزّ الخلق عند الله سبحانه عزّ وجلّ كما سبق أن قلنا.

ولذلك تفهمُ أنّ المهدي الوليّ الخاتم لا يظهرُ إلاّ بشرع النبيّ الخاتم صلّى الله عليه وسلّم، وأنّهُ ما وقع التعريفُ بالمهديّ الخاتم إلاّ بواسطة الرّسول الخاتم صلّى الله عليه وسلّم. فهما حضرتان لا تفترقان .. الحضرة القدسيّة والحضرة المحمديّة حضرة الذات وحضرة الصفات .. ولذلك كان المهديّ الخاتم حسنة من حسناتِ النبيّ الخاتم بحُكمِ الظهورِ وترتيب الحقائق في عالمِ الأكوان. حسنةً كونُهُ من أمّتِهِ ومن ذريّتهِ صلّى الله عليه وسلّم. وكان في الحقيقة تشريفاً ورفعة لقدر هذا النبيّ العظيم مجلى الكمالات والأوصاف الحقيّة صلوات الله وسلامه عليه.

أمّا الأصلُ فلا تتقدّمُ الحضرةَ القدسيّة الذاتية حضرةَ المهديّ أيُّ حضرةٍ .. فهي الأولى وهي الأخيرة .. إذ كلّ الحضراتِ منطوية متضمّنةٌ فيها كما سبَقَ أن قلنا، أنّه الجامع لمراتب الوجود علويّها وسفليّها. وهذا هو معنى الحديث أعلاه.

إذ كانت الرّحمانية مجلى ومنصّة التحقّق بالإسم الأعظم "الله". فقال صلّى الله عليه وسلّم "والمهدي في وسطها" ... فتأمّل هذا الحديث العظيم.
وأنّ سبب رفعة هذه الأمّة وأنّ الله لن يهلكها ولن يخزيها هو وجود حضرة الختم العليّ وسرّ الإسم الأعظم الذي ما ظهرَ إلاّ ببعثة الحبيب المصطفى صلّى الله عليه وسلّم ويُختم بنزول المسيح عيسى بن مريم عليه السلام. وهذا هو معنى الحديث.

فقد تمّ الدينُ ببعثة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كما قال الله تعالى {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} المائدة
وهذا التّمام يعني أنّ حجاب الله وواسطة التعرّف عليه قد ظهر .. صاحب حضرة الأسماء والصفات صلّى الله عليه وسلّم. فلا يُتعرّف على الله إلاّ بواسطة صفاته وأسمائه وبغير ذلك لا يكون. وهذا هو معنى تمام الدين وكمال الإسلام وختم النبوّة.

فاستعدّي يا أرضُ على التعرّف على مجلى الكمالات الحقيّة ومظهر الذات العليّة سيّد الوجود محمّد صلّى الله عليه وسلّم قدوة المؤمنين وسيّد المرسلين الكامل المكمّلُ من ربّه أحمدُ المرتضى .. لأنّه بهِ سوف تتعرّفُ الأرض على الخاتم المهدي صاحب الحضرة الذاتيّة ويقعُ التحقّق بالإسم الأعظم والتخلّق بأخلاق الله سبحانه إذ قال صلّى الله عليه وسلّم (تخلّقوا بأخلاق الله).

ولك هنا الكثيرُ من الأمثلة والأدلّة النقليّة التي تبيّنُ ما قلناهُ .. عن حضرتي الصفات والذات :

قال الله تعالى ((الرّحمن على العرش استوى)) سورة طه -5-

فتفهمُ لماذا قرَنَ الله الاستواء على العرش باسمه الرّحمن .. فاستواءُ التجلّي الإلهي والأسمائيّ على الأكوان والعرش كان باسمه الرّحمن الذي منهُ انشقّتْ وتفرّعتْ الأسماءُ وآثارُها على عالم الأجسام والأكوان.. وتفهمُ ما قلناهُ من أنّ الحضرة الرّحمانيّة حضرة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كانتْ مجلى الظهور والاستواء. وحضرة الصفات والأسماء.

وتفهمُ حقيقة الشهّادة، شهادة التوحيد :
لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله

فإنّه لا موجودَ في الحقيقة سوى الله وما عداهُ قائمٌ به، قيامَ تجلٍّ من آثارِ أسمائهِ وصفاته سبحانه عزّ وجلّ، فلا موجودَ إلاّ وهو أثَرٌ من آثارِ تجلّيهِ، فلا يكونُ الأثرُ والظلُّ إلاّ بوجود المؤثّر والأصل.

وأنّ محمّداً رسولُ الله ..
* محمّدٌ : الآثارُ الظاهرةُ والمظاهرُ في الأكوانِ حيثُ عالم الملك والشهادة والحِسّ.. حضرة الصّفات وعالمُ الأكوان والتعيّن.

* رسولُ : باطنُ الآثارِ والمظاهرِ ، حضرة الملكوت والعالم اللّطيف والملكيّ .. حضرة الأنوار.

* الله : الحضرة الجبروتيّة الجامعة حيثُ يكونُ الشهودُ توحيدياً وهي حضرةُ الأسرار.


۩ஜ۩۩ஜ۩۩ஜ۩


يُمكنُنا الآن العودة الى الحديث النبويّ الشريف "وَلَنْ يَخْزِيَ اللَّهُ أُمَّةً ، أَنَا أَوَّلُهَا ، وَعِيسَى بْنُ مَرْيَمَ آخِرُهَا"


فهذا الحديث النبويّ الشريف يُبيّنُ أنّ فضلَ الأمّة المحمديّة بدأ ببعثة هذا النبيّ المجتبى العظيم الذي كانَ الدّالَ الجامع الأوحدَ على الله.. فنهلَتْ الأمّة من رحمانيّتهِ وحضرتِه وسلكَتْ بنورِه وسرّه ومحبّته فكانَ لها الفضلُ والسّبقُ في معرفة الله سبحانه.. وكانتِ القرون الأولى خيرَ القرون لاقترابِها من زمنِ ظهوره وجمال فيوضِه فقال صلّى الله عليه وسلّم : "خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي , ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ.." صحيح البخاري ومسلم.

ثمّ بدأتْ تتفكّكُ عرى الإيمان والإسلام شيئاً فشيئاً، مع بقاءِ الطّبقاتِ الظاهرة بالخيرِ والسّبق والفضل في سائر الأزمان .. مع فضل القرون السّابقة والمتقدّمة على المتأخّرة واللاّحقة دائماً، وهكذا قرنٌ بعدَ قرنٍ بدأ يضعُفُ الدّين وتبتعدُ النّاسُ عن الفطرة والجوهر النقيّ والفهم الصحيح ..

حتى جاء القرن العاشر وكان نقطةَ انحدارٍ كبيرة، فالقرنُ العاشر جاءتْ فيه نصوص نبويّة ثمّ قد رصدَهُ جهابذة زمانه ومنهم القطب العلاّمة عبد الوهاب الشعراني قدّس الله سرّه فتكلّمَ عن انتكاساتِ هذا القرن وبداية أفولِ الحقائق فيه ..

قال صلّى الله عليه وسلّم ( إن صلحت أمتي فلها يوم وإن فسدت فلها نصف يوم). واليومُ بألف سنة كما هو معروف.

فبدأتْ الأمّة والأرضُ تفقدُ آثار المدد الأقدسيّ الذي جاء به النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وانقطاع الرّحمانية المقصود به يعني انقطاع النّاس عن مدد الأحمدية وعالم القدس الذي ظهر بحضرة النبيّ الأعظم صلّى الله عليه وسلّم ..وتعني موتُ الرّوح وقسوة القلوب ..

فإنّ بني إسرائيل ما قستْ قلوبُهم كالحجارة وما رانَ عليها إلاّ لكونِ سيّدنا موسى عليه السّلام لم يأمُرهُ اللهُ أن يُظهرَ كلّ علوم الألواح التي أنزلَها عليه وهي تسعة ألواحٍ، فما أظهرَ منها سوى سبعة أمّا اللّوحين الباقيين فكان مخصوصين بسيّدنا موسى عليه السلام، وهما نفسُ ما بُعثَ بهما سيّدنا عيسى عليه السلام .. وهما لوحي الأحمدية والأسماء الذاتية.

وإنّما كتمهما لطبيعة الوقتِ والظرف الذي بُعث فيه سيّدنا موسى عليه السلام كما قال الشيخ الجيلي قدّس الله سرّه، فَسِرُّهما لو خرجَ لنقضَ دعوة سيّدنا موسى ضدّ فرعون في ذاك الزّمان.

ولمّا بقيَ علمُ هذين اللّوحين في الكتمِ، فقد قستْ قلوبُ بني إسرائيل .. وسرُّ ذلك في مقامِ سيّدنا موسى عليه السلام الذي تعرّف الى الله باسمِ الرّب .. وكتمَ حقائق الرّبوبيّة المودعةِ في اللوحين الباقيين مخصوصين به في زمانه.

ولذلك كان بنو إسرائيل ظهَرَ فيهم السّامريُّ الذي سيكونُ بعد ذلك فتنةً لهم وفتنةً كبرى في الأرض والبشريّة عند آخر الزمان .. فليس الدجّالُ سوى السّامريّ الذي أودعَ الله فيه خصائصاً مميّزة دون النّاس .. ثمّ كفَر وارتدَّ وصنع العجل لقومِ موسى لمّا ذهب الى الميقاتِ في أربعين يومٍ. والقصّة معروفة.

قلتُ تفهمُ قسوة قلوبِ بني اسرائيل وموتِ الرّوح فيهم وخروج السّامريّ منهم وسوف يدّعي الرّبوبية التي اسمُها من خصوصيّة سيّدنا موسى عليه السّلام، ولكنّ سيّدنا موسى رسول من أولي العزمِ ومؤيّدٌ من الله بروحِ القدُس الذي لم يبُح بلوحيه في بني إسرائيل، واختصّ بروح القدُس المسيح عيسى بن مريم عليهما السلام آخر رُسل بني إسرائيل.

قلتُ فلمّا طالَ الأمدُ وتوالتِ القرون وفسدَ الزمانُ في الأمّة المحمديّة، فقدتْ الأكوانُ من تجليّات الرحمانيّة أمدادها الأقدسية حتّى أفلَتْ في الأرضِ في آخر الزّمانِ ...هناكَ بعث الله المهديّ قطباً مجذوباً .. الذي أودعَهُ قائمَ الأحديّة وسرّ الإسم الأعظم.

المهديّ عليه السلام كي يتمَّ كمالُه واستواؤُهُ على الإسم الأعظم " الله" سوف ينزِلُ عليه سيّدنا عيسى عليه السلام روحُ الله في نهايةِ مشوارِ سلوكه وجذبِه قبل ظهوره وبيعته، وهذا في الباطن .. فيتمّ كمالُه ثمّ ينعكسُ نزول روح الله عليه السلام في نهاية خلافة المهدي بعد خروج الدجّال.

ويُقتلُ الدجّالُ، وتعودُ للأمّة والأرضِ رحمانيّتها، بل أحمديّتها الكبرى وكمالها المثاليّ فوق بعثة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.

وتتجسّدُ تلك الخلافة المثاليّة الكاملة في نزول المسيح عليه السلام وانتشار الإسلام في ربوعِ الأرض واخضرار جزيرة العرب والصحاري وبركة الثمار والأشجار .. والسّماحة بين النّاس والألفة، وزوالُ الوحشيّة والسّبعيّة في الوحش والسّباع والعقارب والحيّات .. إنّها الرّحمة العظمى رحمة الإسم الأعظم.

وهذا هو معنى قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم "وَلَنْ يَخْزِيَ اللَّهُ أُمَّةً ، أَنَا أَوَّلُهَا ، وَعِيسَى بْنُ مَرْيَمَ آخِرُهَا"
وقوله صلّى الله عليه وسلّم "لن تهلك أمة أنا أولها وعيسى بن مريم في آخرها والمهدي في وسطها"

فقد كفلَ الله أن يبعث في آخر الزمان المهديّ لينزلَ عليه روحُ القدُس وتظهر الحقيقة الأحدية به ويحصلَ الخير العظيم للبشريّة .. ويُقتلُ الدجّال رمزُ الشرّ والكفر، ويزول ياجوج وماجوج وتقوم الخلافة الكاملة.

يتبع ..
أحمدُ
12-01-2011, 02:41 PM
السامريّ الدجّال وعلاقته بالمهديّ .. بين مهديّ الجذب والعقل وعيسى الرّوح

لبسم الله الرحمن الرحيم

قال الله تعالى :

((وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَى * قَالَ هُم أُولاء عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى * قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ * فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي * قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ * فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ * أَفَلا يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلا وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا * وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي * قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى * قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا * أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي * قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي*قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ * قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي * قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّنْ تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا * إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا * كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْرًا)) طه 83-99


قال الشيخ الأكبر ابن عربي قدّس الله سرّه تعليقاً على هذه الآيات:
((وعلى التطبيق: إنّ القلب إذا سبق له كشف وجذبه الاجتهاد والسلوك وحصل عنده الكمال العلمي الكشفي دون العلمي الكسبي، يكون في معرض عتاب الحق عند التعجل إلى الشهود والحضور، ذاهلاً عن أمر الشريعة والمجاهدة، ويجب أن يردّ إلى العمل والرياضة لسياسة القوى واكتساب مقام الاستقامة، إذ لا يقوى هارون العقل الذي هو خليفته على قومه القوى الروحانية والجسمانية على تدبيرهم وتقويمهم وتسديدهم بدون الرياضة والمجاهدة والمواظبة على الطاعة والمعاملة، فينبعث سامريّ القوى النفسانية من الحواس ويوقد عليها نار حبّ الشهوات، ويطرح عليها شيئاً من أمداد الطالع بحسب الأوضاع المخصوصة، أي: التي تأثرت من تأثير النفس الحيوانية التي هي فرس الحياة، فيمثل الطبيعة بصورة العجل المفرغ في قالب الموادّ الذي همّه الأكل والشرب ودأبه اللذة والشهوة دون العمل والسعي بالإِثارة والتعب كما أشير إليه، وينتفخ فيه روح الهوى فيحيا ويتقوّى ويصيح ذا خوار، فيعبده جميع القوى ويتخذه إلهاً، وكلما نبهها العقل المؤيد بنور القلب على ضلالها وفتنتها ودعاها إلى الحق ومتابعة الرأي العقلي وطاعته، خالفته حتى يرجع إليها القلب المنوّر بنور الحق، المؤيد بتأييد القدس، غضبان لله تعالى أسفاً على ضلالها وتفرّقها في الدين، ويعيّرها ويعنفها بلسان النفس اللوّامة، ويأخذها بالوعد والوعيد، ويذكرها طول العهد من قرب الربّ بمقتضى الخلقة والنشأة والسقوط عن الفطرة، ويخوّفها باستحقاق الغضب والسخطة عن نسيان العهد وإخلاف الوعد حين الإقرار بالربوبية عند ميثاق الفطرة، فلا ينجع فيها القول إذا صارت مأسورة في أسر الهوى، منقادة لسلطان التخيّل، مستسلمة للردى، ولا طريق إلا خرق الطبيعة الجسدانية بمبرد المجاهدة وإحراقها بنار الرياضة ونسفها برياح نفحات الرحمة الإلهية التي إذا هبّت بها لاشت في يمّ الهيولى الجرمية لا حياة بها ولا حراك بعد تغير القوّة العاقلة بعد متابعتها للقلب ومشايعتها للسر في التوجه، وبوجود موافقتها للقوى في الميل إلى الطبيعة والأخذ برأسها إلى جهتها العادية التي تلي الروح بتأثير النور فيه حتى تنفعل وتتأثر بشعاع القدس ونور الهداية الحقانية ولحيتها التي هي الهيئة الذكورية وصورة التأثير فيما تحت، أي: جهتها السفلية التي تلي القوى النفسانية. وجرها إليه، أي: الجهة العلوية وجناب الحق وعالم القدس الذي هو فيه، فيتقوى بالأيد الإلهي والقدرة الربانية وجولانها فتؤثر فيها وتطوعها بأمر الحق لها وللقلب، ويستخلصها من قهر التخيّل والوهم.
واعتذار هارون إشارة إلى أن العقل غير المتنوّر بنور الهداية، المتأيد بأمر الشريعة، لا يقدر أن يحافظ القوى ويعاند التخيّل والهوى، ولا يزيدها إلا التفرقة الموقعة في الردى. وعند استيلاء نور القلب والعقل وقهر الطبيعة بالكلية وحصول الاستقامة في الطريقة، ينخزل التخيّل وينعزل ولا يقدر أن يماس شيئاً من القوى بتخييله ولا يقاربه قوّة منها بقبول تسويله فيصير ملعوناً، مطروداً، فيقول: لا مساس. وله موعد، أي: حدّ ورتبة لا يجد خلفاً فيه ولا يتجاوز، فيترأس، ويستولي، ويروّج أكاذيبه وغلطه بالمعقولات، وينفقه في المرادات.)) اه.

وهذا الذي ذكرَهُ فهماً وإشارةً وعلماً الشيخ الأكبر قدّس الله سرّه، هو الذي يمرُّ به الإمام المهدي عليه السلام قبل كماله وظهوره، أي في جذبه وكتمِه، فيحدتُ له الجذبُ والكمالُ في مقامِ الفهم والعلمِ، قبلَ أن تحصُلَ له الاستقامة وينزلَ عليه الرّوح القدسيّ، فيخرجُ في قطبيّته وقومه الساّمريّ الذي أنظرَه الله بقولِه "وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّنْ تُخْلَفَهُ" مدّعياً الرّبوبيّة فيهم هذه المرّة، فلم يقوَ ولم يقدِرْ هارونُ العقل و(الكمال العلميّ والفهم السّلوكيّ) الذي هو وزير الرّوحُ القدسيّ (وهو في الآيات موسى عليه السلام) على سياسة وتدبير القوى الرّوحانيّة والجسمانية لمّا غابَ الرّوحُ القدسيّ في الميقات أربعين يوماً.
وليس الدجّالُ سوى السّامريّ الذي خصّه الله بخوارق وقدرات غير عادية نتلمّسُها في هذه الآيات، وفي تفسير المفسّرين من السّلف الصالح، فهذا السّامريّ ولادتُه ونشأتُه كانت غير عادية
قال الإمام الكَوَاشِي رحمه الله ( 680 ه) في تفسيره :
(وإنما عرف السامريُّ جبريلَ من بين سائر الناس؛ لأن أمه ولدته في السنة التي يُقتل فيها الغلمان، فوضعته في كهف؛ حذرًا عليه، فبعث الله تعالى جبريل؛ ليربيه لِمَا قضى على يديه من الفتنة.) اه.

ثمّ قول الله تعالى على لسان السّامريّ "قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا"

جاء في تفسير القرطبي:
(فـ { قَالَ } السامريّ مجيباً لموسى: { بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ } يعني: رأيت ما لم يروا؛ رأيت جبريل عليه السلام على فرس الحياة، فألقي في نفسي أن أقبض من أثره قبضة، فما ألقيته على شيء إلا صار له روح ولحم ودم؛ فلما سألوك أن تجعل لهم إلٰهاً زَيَّنَتْ لي نفسي ذلك. وقال عليّ رضي الله عنه: لما نزل جبريل ليصعد بموسى عليه السلام إلى السماء، أبصره السامريّ من بين الناس فقبض قبضة من أثر الفرس. وقيل قال السامري: رأيت جبريل على الفرس وهي تلقي خطوها مدّ البصر، فألقي في نفسي أن أقبض من أثرها فما ألقيته على شيء إلا صار له روح ودم. وقيل: رأى جبريل يوم نزل على رَمَكة وَدِيقٍ، فتقدم خيل فرعون في ورود البحر. ويقال: إن أم السامريّ جعلته حين وضعته في غارٍ خوفاً من أن يقتله فرعون؛ فجاءه جبريل عليه السلام، فجعل كفَّ السامريّ في فم السامريّ، فرضع العسل واللبن فاختلف إليه فعرفه من حينئذٍ.)اه.

فدلّ هذا أنّ السّامريّ خصّه الله بأن يرى جبريل عليه السلام والملائكة، وهذا يوافقُ كون الدجّال يرى الملائكة وجبريل يوم يريدُ أن يدخل المدينة فيجدُ على أبوابها جبريل والملائكة تحرسُها تمنعُه. وخصّه الله بخوارق فوق العادة ونفخ الرّوح في الأشياء فيُحييها بقبضة أثر جبريل عليه السلام.

فقلنا أنظرَهُ الله بقوله لا مساس، لمّا ظهرَ الأمير القدسيّ أي لمّا عادَ سيّدنا موسى عليه السلام.

وهنا يجدُرُ الذكرُ أنّ السامريّ، أُنظِرَ الى موعدٍ آخر هو آخر الزمان، ليفتَنَ بأعظمِ فتنةٍ بعدَ أنْ يُعدَّ قروناً لظهوره وتضليله وإفسادِ الحقائق والقلوب وله أتباعهُ الذين يعملون لذلك ويعبدونه، وهم الماسون وبنو صهيون.

وإنّما خرجَ في زمن المهديّ لأنّ المهديّ هو الجامع لحضرة الأكوان كلّها من عهد سيّدنا آدم عليه السلام الى نهاية الدّنيا .. فيخرجُ في غيبةِ الرّوح القدسيّ، في جذب المهدي وكماله العلميّ .. ولهُ أي للدجّال أربعين يوماً ولكن يومٌ كسنة ويومٌ كشهر ويوم كأسبوع وباقي أيّامه مثل أيّامنا.

وهذا هو معنى يُصلُحه الله في ليلة أي المهدي، أي يُصلحُه بنزول الرّوح القدسيّ عليه : روحُ الله سيّدنا عيسى عليه السلام الذي أنظرَهُ الله كذلك إلى آخر الزمان، لينزلَ في عهد المهدي عليه السلام، خصّيصاً لقتلِ الدجّال.

وهنا حقيقةُ فصٍّ من الفصوص النبويّة التي يتحقّقُ بها المهدي. وهو فصّ هارونيّ وموسويّ متعلّقٌ بالسّامريّ وفصّ عيسويّ، فيقضي المهدي على سامريّه ويقتلُه نهائياً، وهي مرتبةٌ أعلى ومقامٌ أكبرٌ من الذي سبق الذي وقعَ به الإنظارُ والتأجيل للسّامري في الأرض. فصاحبُ هذا المقام، مقام قتل السّامريّ الدجّال وإنهاء وجودِه وفتنته على الأرض هو المهدي عليه السلام لا غير، طبعاً بكماله القدسيّ ونزول عيسى روحُ الله الذي خصّه الله يهذه المهمّة، وكان علامة كمال المهدي ووصوله لمقامه المختوم في الباطن أوّلاً ثمّ ينعكسُ ذلك ظاهراً في الخلافة على الأرض.

فالحقيقة في عالم الحقائق فسيرة المهديّ فيها كلّ حقائق السّلوك والسّير إلى ربّ العالمين وفصوص الأنبياء عليهم السلام. فهو الخليفة الجامع.
أحمدُ
12-06-2011, 11:33 PM
لبسم الله الرحمن الرحيم

إنّ سيرة المهديّ في فتح الأرض والأمصار من جزيرة العرب وفارس وما وراءها والرّوم هي رحلة المهديّ في عالم الفهم والعلم السّلوكيّ إلى درجة الكمال العلميّ واليقين.

وفتح روما أو القسطنطينية الكبرى هو آخر دوائر النّفس في عالم الفهم السّلوكيّ والكشف العلميّ وهي دائرة القلب وكنيسة النّفس .. فيتمكّنُ المهديّ مهديّ العقل من فتحها في بضع سنين .. وكونُ المهديّ لا يسلُك ابتداءً في عالم السّلوك والاستقامة والمجاهدات، فلأنّ الله جعل قلبَهُ تامّ الصّدق كاملَ التوجّه متوحّدَ السرّ، لا يسلُك والمشيئة والإرادة عنده مشوبةٌ بالنّفس والحظوظ.. وهو لا يقدِرُ أن يصلَ الى النّفس ويملِكُ أمرَها إلاّ بالمجاهدة ودروب الاستقامة وكذا كانتْ سنّةُ الله في خلقِهِ وكونِه.. فيبقى في مقامِ العزّة حتى يفتحَ دوائر الفهم والعلم السّلوكيّ .. ثمّ هناك يخرجُ سامريّه الدجّال في قومه، في جوارحه ونفسه فيدّعي فيهم الرّبوبيّة ويفتنهم ولا يقدِرُ هارون عقله وكماله العلميّ أن ينهى السّامريّ ويستردّ تدبير الجوارح والنّفس .. فيسوقُه الله بهذا إلى نقطة القهر والانكسار العظيم في لحظة فارقة ويرفعُ عنهُ العزّة، عزّة النّفس ويحصُلُ له بالانكسار والذلّ التام مقام التوبة والسّلوك الى الله.. وهي توبَةٌ عظيمةٌ وانكسارٌ جليلٌ لا يُمكنُ تخيّلُهُ وتخيّلُ وقعَ طرقِهِ وتأنيبِهِ في نفسِ المهديّ، بمقدارِ عشرةِ آلافِ ضعفٍ .. تهتزُّ له أركانُ المهديّ وتتزلزلُ أكوانُه به.. وهناك تبدأُ رحلة المهديّ في مقامات السّلوك ومعارج الرّوح .. فيقعُ للمهدي بعد خروج دجّاله، يقعُ لهُ العروج السّماويّ والكمال الأقدسيّ .. بنزول روح الله عند باب لدّ وصلاته في بيت المقدس وقتله الدجّال. كلّ هذا في رحلة الباطن وقطيّبة المهدي في مرحلة الجذب قبل البيعة والظهور.

فنهاية دولة العزّ بفتح روما وخروج الدجّال أربعين يوماً ثمّ فتح الفتوح وإشراق الأرض بنزولِ روح الله ... وهنا في الأسامي أسرار. فإنّه لا ينزلُ روحُ الله إلاّ في جسم المهدي وقطبيّته، فانظرْ الى هذا الجسم المعظّم في الوجود الذي ينسلخُ من بشريّته وصفاتها على التمّام، وينتقلُ إلى طور الختميّة والإمامة الكبرى الجامعة .. وفي الظاهر يُقتلُ دجّالُ الأرض ثمّ يحرّزُ سيّدنا عيسى عليه السلام عباد الله إلى جبل الطّور، بعد خروج ياجوج وماجوج المفسدون في الأرض، ثمّ يدعو الله عليهم ويبتليهم بدود النّغف فيصبحوا من ليلتهم أمواتٌ أجداثٌ، ثمّ يُرسلُ الله عليهم طيوراً كأعناق البخِت تحملُ جثتهم وبقاياهم بعيداً ثمّ يُنزلُ مطراً من السّماءِ يُطهّرُ الأرض فتصبحُ كالزلقة .. وخروج ياجوج وماجوج وتحريز العباد الى جبل الطّور في الحقيقة هي مظاهر الانسلاخ من الحلية الدونيّة للأرض والانسلاخ من صفات البشريّة عند المهديّ وتحوّل الأرض إلى عالمٍ مُخضرّ مزهر مشرقٍ مبارك الثمار وظليل الأشجار كثيفِها، وعلى أغصانها تغرّدُ أجملُ الأطيار.. أمّا المهدي فينسلخُ من صفات البشريّة الدونيّة إلى صفاتٍ مثاليّة لا نظيرَ لها على الإطلاق. فقال الشيخ الأكبر في كتاب عنقاء مغرب فيصبحُ السيّد الصّمد ولا يُعرفُ أبواه. أي لا يُعرفُ لهُ نظيرٌ أنجبَهُ على مثالِه .. لذلك خرجَ عن المقارنة فما دخلَ في حسبة الأوّلين والآخرين وولدِ آدم إلاّ باعتبارِ ابتدائهِ في مرحلة السّلوك والجذب فهو من ذريّة خير نبيّ صلّى الله عليه وسلّم وسيّد ولد آدم وإمام الأنبياء والمرسلين وسيّد الأوّلين والآخرين .. أمّا عند كماله وبيعته وظهوره فهو لا نظيرَ له ينسلخُ من حليتِه الأولى إلى حليةٍ مثاليّة كاملة صمديّة .. فهو السيّدُ الفردُ والإمام الأعلى.
خليفة الله والختمُ وعنقاءُ مغرب .. ختمُ الولاية.

وفي اسم ختم الولاية سرُّه، فقد ختمَ الولاية فلم يبْقَ منها ذرّةٌ إلاّ وقامتْ فيه بالتمّام، فقامَ الحقُّ فيه لطيفةً ذاتيّةً .. وليس ذلك لسواه. وقامَ الحقُّ في غيره لطيفة صفاتية.

لذلك كان المهديّ محلّ الإفشاء والكتم، وكان نهاية فصل الوجود بظهوره وتجسيد الخلافة الكاملة والذات الجامعة .. فكان اسمُه خليفة الله. وهو مقامُ الخلفاء الذين قاموا فيه بالنّيابة منذ سيّدنا آدم عليه السلام. وكان لهُ هذا المقام بالأصالة والذاتية.
أحمدُ
12-10-2011, 10:05 PM
قال الله تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)

ببعثة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم تمَّ الدين وتمّت حضرة الوجود، وتفاصيلَ أحكام التجليّات فكانَ صلّى الله عليه وسلّم خاتم الأنبياء والرّسل إمام حضرة الرّحمانية حيثُ مظهر الذات وحضرة التعيّنات الإلهية، وكان صلّى الله عليه وسلّم الكاملُ الأكملُ في شروق الأخلاق الإلهية فهو الدليلُ عليها والمرشدُ إليها والقدوةُ الأعلى الذي جعلَهُ الله حجاباً على حضرته العليّة قال الله تعالى {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرا}. ففازَ بالكمال الخَلْقي والخلُقي إذ قال صلى الله عليه وسلّم (خلق الله آدم على صورة الرّحمن) صورةً حسيّة وصورة معنوية، فالكمال الصوريّ والجمال الخَلْقي فازَ به الحبيبُ المصطفى صلّى الله عليه وسلّم، وكذا الكمالُ المعنوي والأخلاقي في التخلّق بالأخلاق الإلهية. إذ كانَ هو الّداعي للتخلّق بأخلاق الله سبحانه (تخلّقوا بأخلاق الله) قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا)
عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن - رواه أحمد ومسلم وأبو داود

فاكتمَلَ الوجودُ بإمامهِ الحبيب المصطفى صلّى الله عليه وسلّم والقدوة والمربّي الأعلى والدّال الأوحد على الله تعالى سبحانه.

أمّا شأن الخلافة الإلهية في آخر الزمان فتلك نهاية فصل الوجود، وختم خزانة الجود الإلهي وختم الولاية بظهور الختم العليّ خاتم الأولياء صاحب الأمر والخليفة المقصود بأخلاق الله والمقصود بالخلافة المطلقة والمقصود بسجود الملائكة لسيّدنا آدم عليه السلام. إذ قال صلّى الله عليه وسلّم (خلق الله آدم على صورته).

فيظهرُ في ختام الأمر وآخر الزمان ختماً لحقائق الولاية وإعلاناً لنهاية الدّنيا ويظهرُ ليرحَمَ الأرضَ الرّحمة العظمى بتجلّي الإسم الأعظم والسرّ المطمطم فتتجلّى بظهورِه بعد فساد الأزمنة والفطر والضمائر وموت القلوب تتجلّى حقائقُ صراع الأسماء وتجليّاتِها لتُعطي في الأخير تكافؤها بتجلّي واستواء الإسم الأعظم الذي به تتراحمُ الأسماء وتتكافأ وتعمُّ الرّحمةُ الكبرى والنّعمة العظمى ويتجلّى الوجودُ المنتظر في أبهى الحللِ والصُّوَر.

فلا يخرجُ الخليفةُ الأعلى والإمام الأكبر إلاّ بدين خاتم الرّسل عليه الصّلاة والسلام حيثُ تمّتْ به صلّى الله عليه وسلّم مراتب الوجود وحقائقُ الدين وأحكامُه وتلك هي حقائقُ النبوّة والرّسالة. ولذلك قيلَ يخرجُ الخليفةُ مواطئاً للحبيبِ المصطفى صلّى الله عليه وسلّم في الأخلاق الإلهية وإن كان هو صاحبُها الأوّل فهي لهُ بالأصالة فهو حضرة الذات وخليفة الله تعالى والمقصود بقول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم (تخلّقوا بأخلاق الله). بل الخليفةُ متقدّمٌ فهو أرحَمُ الرّحماء وأكرمُ الكرماء وسيّدُ الحكماء جلّتْ ذاتُهُ وصفاتُه عن النّظراء. فهو المتقدّمُ المتخلِّقُ بالأصالة قال الله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ).

فيخرجُ خاتماً لرسالة الوجود الإنسانيّ وخزانة الجود الإلاهي ولذلك كان ظهورُهُ يتجلّى جهاداً وإبادة للظلم والظالمين وإقامةً للعدل المبين ويتجلّى خلافية إلهية على منهاج النبوّة ويتجلّى عقوباتٍ إلهية ليردَّ الأرضَ إلى سلامها وإسلامها الأكبر ويقتلَ دجّالها الأخطر وحضارته ودولته وأعوانه ويمحَقَ شروره وفساده، وذلك ما عبّرنا عنه بصراع الأسماء بأضدادها صراعاً يبلُغُ ذروتَهُ الكبرى لتُعطي في الأخير تكافؤها ومحصّلتها في الإسم الأعظم حيثُ لا يطغى اسمٌ على اسم. وتتجلّى الرحمة من الرّحيم تحقيقاً لقوله تعالى"بسم الله الرحمن الرحيم".

فكان اسمُ الرّحيم هو نهاية التجلّي ولذلك تُختَمُ الشرعةُ المحمديّة والرسالة الوجودية بنزول المسيح عليه السلام فهو مصداقُ نزول وتجلّي اسم الرّحيم آخِراً. وتتجلّى الخلافة الإلهية المثلى حيثُ شرحنا أعلى بعض آثارها فتذهبُ الوحشيّة والسّبعية وتعمُّ البركة ويحكمُ الإسلام كلّ الأرض ويُقتلُ الخنزيرُ ويُكسرُ الصّليبُ وتخضرُّ الأرض والجزيرة العربيّة وتُعطي الأشجار ثمارها كأجود ما يكونُ بركةً وطعماً وهكذا. فهذا هو معنى الخلافة الإلهية باختصار. فهي ترجمة لآثار وتجلّي الختم وظهور الإسم الأعظم.
وتطلعُ أخيراً الشمسُ من مغربها إيذاناً بزوال الدّنيا.



وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم كثيرا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ارشيف النسخة الكاملة : حقيقة المهدي، قطبا مجذوبا قبل ظهوره وإماما جامعا عند ظهوره ..
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» منا المهدي
» عصر الحيرة !
» عنوان الفتوى من هو المهدي المنتظر؟
» المهدي المجذوب أو الفطب المكتوم
» شرح دعاء الجوشن أسرار إستعماله في أخر الزمان

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الشاهد حكيم  :: المواضيع المنقولة -
انتقل الى: