أحمد الكبيسي ..رجل من الزمن الفضيل
April 01 2012 20:38
كتب : اسامة غاندي
بقدر مايشعرني الخطاب الديني الاسلاموي الحديث بالقرف . ويدعوني الى القيء والغثيان , ويسرح بي بعيدا عن الغيبيات ليرميني احيانا في احضان العلمانيين , وبقدر ما كرهت السماء لانها تقطر حجارة من سجيل أمثال الفرضاوي والعرعور والجندي وحسان وغنيم العبيكان والقرني . وكدت اكفر بهذه العفونة التاريخية . الا أن علماءا مسلمين افذاذ كانوا يتراءون أمامي بتعاليمهم وتكريساتهم عبر الزمن كانوا يعيدونني الى الرشد والى الصلاح وأكتشف أن الخطاب الديني الرشيد سُرق , وأودع في هؤلاء العلماء فعلا . وكان ممن يقف بيني وبين الكفر بكل ما أتى به هؤلاء الشياطين . عالمين جليلين ربانيين هما كل ما تبقى من ورثة الانبياء وسر الله في خلقه في هذه الارض
انهما العلمان , الشيخ الدكتور أحمد الكبيسي , والعالم الرباني المجاهد محمد سعيد رمضان البوطي . بارك الله لهما في عمريهما . الاثنان ممن درست على ايديهما وتتلمذت . والاثنان ممن تعلمت منهما قراءة الحياة كما يريدها الله . لا كما تريدها امريكا واسرائيل والناتو , وسأرجيء الحديث عن العلامة البوطي الى مناسبة أخرى ولكني ساتكلم عن الشيخ أحمد الكبيسي . والذي صوب له مرتزقة القرضاوي سهام سمومهم , ولكنهم على التأكيد اخطأوا في العنوان . لانه اولا ليس لقيطا كالقرضاوي , الذي يستعين بالتزلف والدجل وخدمة الاسياد لادامة وجوده وتحقيق كيانه . ومن منبت علمي واجتماعي وسياسي مكين , وهو يقيم في دولة الامارات العربية المتحدة كضيف وأخ وعالم مكرم , ولا يقيم فيها خادما , ويحفظ له كبار الدولة مقامه ومقاله . ولم يستغلها يوما في بناء العمارات والضيعات والشاليهات , ولم تستغله هي كذلك في ترويج خطابها السياسي . فهو من اسرة عراقية سنية عربية قحة لها حضور سياسي واجتماعي وادبي في عموم العراق . كما أنها عشيرة غنية . وكنا نسمع دائما في العراق ,أن قضاء كبيسة , وهي حاضنتهم ومركزهم يمنع فيه فتح الفنادق والمطاعم , لان مرؤتهم العربية تأبى لمن يدخل القضاء أن يكون ممن يأكل في مطعم أو يقيم في فندق . وأنما على افراد العشيرة أن ينتشلوا الزائر الى المدينة الى اقرب بيت في القضاء ويقوموا بواجب الضيافة له ولو مكث العمر كله , وقد راعت الحكومات المتعاقبة رغباتهم في تطبيق مبادئهم العربية الاصيلة . لذلك لا اعتقد أنه من طلاب المال .وثانيا : أنه موضع احترام وتقدير كبير من كل علماء العراق من السنة والشيعة , لانه حذف من قاموسه مصطلح سنة وشيعة , ودعا بعد احتلال العراق صراحة الى اقامة نظام علماني في العراق لكي لا تكون هناك مصطلحات مذهبية واثنية فيه . مما دعا القوات الامريكية في العراق الى تسهيل ابعاده عن العراق , عبر تهديدات جدية باغتياله , ليسكتوا صوته العاقل المعوّم لكل الخطط الخبيثة للامريكان في العراق , مما دفع تلامذته ومحبوه وشخصيات سياسية واجتماعية كبيرة الى دفعه خارج العراق وتسهيل عودته الى دولة الامارات
ومن الناحية العلمية فانه حاصل مابين شهادة ماجستير ودكتوراه في عدد من الاختصاصات , في الفقه المقارن وفي القانون والتفسير وفي اللغة العربية , ودرس في عدة جامعات واكاديميات عراقية وعربية . وله مدرسة خاصة في التفسير والتأويل . لاتغيب على أحد . وله في كل مدينة وناحية في العراق محاضرة ودرس .كما تراس عمادة عدد من الكليات لفترات متقطعة . وله مواقف علمية مستقلة عن الخطاب السياسي في العراق على مدى عقود , وكان من القلائل الذين يختلفون صراحة مع القيادة السياسية , ويبلغونها رأيهم ووجهة نظرهم . كان يشفع له بذلك خلقه العالي وحسه الوطني ورغبته في الاصلاح , والذي تأخذه القيادة بعين الاعتبار
بعد احتلال العراق , شكل الكبيسي وزميله المرجع الديني الشيعي الوطني جواد الخالصي تكتلا باسم الوحدة الوطنية . وكان الاثنان من القلائل الذين عملوا في الداخل بروح وطنية اصلاحية , تحت سمع وبصر النظام السياسي . وكاد أن يكون صوتهم الصوت الاعلى في العراق الذي يجمع الوطن مرة أخرى في ثوب الوطنية . لكنه هدد كل الخطط الامريكية في استباحة العراق , ونشر الفوضى ونشر ثقافة التقاتل والتذابح بين العراقيين . فكان هدف الامريكان هو القضاء على هذا الصوت يعادل هدفهم من احتلال العراق
لذلك فان الهجمة على الشيخ الكبيسي اذا ما أريد لها أن تكون ضربة في خاصرة الامارات الرخوة . وصفقة ما بين الامارات ودول أخرى تريد تجريم وتكفير الاخر , والتهيئة للقضاء عليه , فان القضية ليست بهذه السهولة . وان القضية ستعني اصطفافات أخرى هذه المرة وتصويت على الشرعية والعلمية والربانية , مقابل تصويت على الدجل والشعوذة والانتهازية وزواج القاصرات . وسينقلب السحر على الساحر لمن يخطط لهذه القضية . كما انقلب على قطر التي اوصلت ملف سوريا الى الامم المتحدة لضرب سوريا , فاذا بالملف ينقلب الى موضوع صراع دولي على مستوى الكبار وتحديات متقابلة , ولوي اذرعة , وعلقت الازمة السورية بين الروس والصينيين وبين امريكا والناتو . وتصاغرت قطر وذابت كما يذوب الهواء في البالون المنفوخ . لذلك فان كان هناك مسعى اقليمي في قضية تصريحات العلامة احمد الكبيسي , فستنقلب القضية الى قضية معسكر فاجر يلبس مسوح الرهبان ومعسكر صالح يريد أن يقتل الملك بامعاء اخر قسيس صهيوني . ولا يعني هذا انقسام المسلمين فيما بينهم , بقدر ما سيوحد العراقيين سنة وشيعة على نصر الحق والعدل والوحدة متمثلا بالشيخ الكبيسي . مقابل معسكر آخر نفض العراقيون ايديهم منه تماما مثل القرضاوي وزبانية جهنم الاخرين
ليس دفاعا عن الشيخ الكبيسي . ولكن تقواه وصلاحه جعلاه لا يصدر فتوى لحد الان في اي شأن سياسي وحياتي . وهو اقدر الجميع على ممارسة الفتوى واصدراها من كل المطارزية ولا عبي الجمناستك والسائرين على الحبال . كما أني اشيد كثيرا وبخبرة اكاديمية بعلميته وتفوقه الذهني والفكري
وموقفه من الشيعة والتشيع , وتاريخ الخلاف الفكري والسياسي بين المذهبين معروف منذ السبعينات , وكان هو صاحب منهج تقريبي وسطي بين الاثنين , يتفقون فيه على الثوابت ويرحلون التفاصيل التي هي ليست من اساسيات الدين , ويشترك معه بعض المراجع الدينية في الكاظمية . وهو من مدرسة الامام ابي حنيفة النعمان بن ثابت . الذي هو اقرب المدراس الى الجعفرية . وكان لهذه المدرسة مقرها الدائم في جوار ضريح الامام ابي حنيفة في بغداد . واذا علمنا أن ابا حنيفة قد تتلمذ على يد الامام جعفر الصادق . وأخذ عنه بعض طرق الاستنباط . وتبلوت مع الزمن وجهود التوحد الاجتماعي في هذه المدرسة , مدرسة فقهية بغدادية . اخذت تجمع بين المذهبين , وتماهت في طروحاتها مع بعضها البعض . وهي المدرسة التي قضى اكثر روادها او رحلوا .أو غيبتهم قوى الاحتلال واذنابه , لتفسح المجال أمام التقسيم والفرقة , ومخططات اجنبية أخرى . ولم يبق من رواد هذه المدرسة الا الشيخ أحمد الكبيسي والعلامة جواد الخالصي . كما أن عائلته الكريمة تحوي على اشقاء له آخرون اساتذة في علوم الشريعة مثل الدكتور العلامة حمد الكبيسي ومحمد الكبيسي فيما أذكر
وهو لا يبسط المسألة والخلاف ويزيف التاريخ بقصد الوحدة والمواءمة , بقد ما يطرح حقائق تاريخية , تبين زيف الخلاف والتكلس التاريخي والسياسي حوله , فيحاول ازالته ليبدو المشهد على عكس ما تروج له القوى الاستعمارية تماما . وله في هذا كتب ودراسات , كما ان له طلاب وتلاميذ يسيرون على نفس الخطى من كلا المذهبين سنة وشيعة . وقد ادركت بعضا من طلابه من الشيعة كانوا أكثر تعلقا وتمسكا بافكاره من الاخرين
لذلك كله , فلا اعتقد ان المسعى الاخير لتأليب الرأي العام ضده سينجح , بقدر ما سيعيد افكاره من جديد . وأكبر دليل على ان الكبيسي نظيف السيرة والسريرة , وغير قابل للبيع والشراء , ونظيف اليد من دم اي مسلم في العالم , على خلاف الاخرين المغمسة ايديهم في دم المسلمين ودماء القاصرات , اكبر دليل على نظافته وطهارته . وهذه شهادة له أمام الله . أنه خارج مايعرف ( اتحاد علماء المسلمين العالمي ) وأنه خارج ( تنظيمات الاخوان المسلمين ) وهذه وحدها كفيلة بطهارة موقفه , وربانيته وورعه وتقواه
شهادة للتاريخ . نقدمها في تحية العالم الفضيل الدكتور أحمد الكبيسي