المغربي
عدد المساهمات : 1911 تاريخ التسجيل : 21/03/2010
| موضوع: آفاق مهدوية/ محاضرات حول الإمام المهدي عليه السلام الثلاثاء يوليو 30, 2013 6:14 am | |
|
السيد محمّد القبانچي المحاضرة الأولى: الإمام المهدي عليه السلام والدور الرسالي تجاه المجتمع البشري
بسم الله الرحمن الرحيم
(وَنُريدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثينَ)(3).
من المعلوم أن الهدف من ظهور الإمام المنتظر عليه السلام هو إقامة الحضارة الكونيّة, وتحقيق العدالة التامّة على الأرض. أما الهدف من بقائه العمر الطويل إلى حين ظهوره, فهو حفظ الدين عن التحريف لحين قيام دولته الخاتميّة المباركة, والتي تكمن خصائصها في الحديث الوارد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوَّل الله ذلك اليوم حتّى يخرج رجلاً من ولدي _ أو من أهل بيتي, أو منّي _، يواطئ اسمه اسمي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما مُلِئَت ظلماً وجوراً)(4).
لكن هناك من يطرح هذا السؤال: ما هو الدور الذي يقوم به الإمام المنتظر عليه السلام أثناء غيبته؟, منطلقاً من أن الإمامة هي منصب إلهي لا بدَّ معها من القيام بدور رسالي معيّن, فإذا لم يكن الشخص قائماً به, فلا معنى لكونه إماماً؛ لأن الإمامة مساويةٌ للقيام به, فإذا كان الشخص غير قادر على أن يقوم بأيّ دور رسالي, فما الفائدة من جعله إماماً؟ وما المبرر لبقائه مئات السنين دون أن يقوم بأيّ دور تجاه المجتمع البشري؟
ربما يقول قائل: إنّ جعل الإمام الغائب إماماً لغو, واللغو لا يصدر من الحكيم تبارك وتعالى؛ لأن اللغو قبيح, فلماذا يجعله الله تعالى إماماً هذه المئات من السنين, مع أنه لا يقوم بأيّ دور رسالي ينسجم ويتلائم مع منصب الإمامة وموقعها؟ وإذا كان الإمام في غيبته يضطلع بأعباء دور معيّن, فأين نحن من هذا الدور؟ وما هو ربطنا ومساهمتنا ومشاركتنا في تجسيد هذا الدور وتحقيقه؟
هناك نظريتان تجيبان على السؤال الأوّل. نظريتان حول دور الإمام المهدي عليه السلام في غيبته:
النظرية الأولى: أن الدور الذي يقوم به الإمام المنتظر القائم عليه السلام هو عبارة عن الهداية الأمريّة.
النظرية الثانية: أن الدور الذي يضطلع الإمام عليه السلام به أثناء غيبته هو حفظ الدين من التحريف والتزوير. النظرية الأولى:
التي ربما تُنتَزع وتُستَخرج من كلمات صاحب (الميزان) للسيد الطباطبائي قدس سره, ومن أجل أن نشرح هذه النظرية لا بدَّ أن نذكر أمرين: الأمر الأوّل:
أن هناك فرقاً بين عالم الخَلْق وعالم الأمر, فالقرآن الكريم تحدّث عن عالمين عندما قال: (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) (5), فهناك عالم خَلْق, وعالم أمر. فما هو الفرق بين الخَلْق والأمر؟ إنّ إفاضة الوجود من قِبَله تبارك وتعالى إذا كانت إفاضة تعتمد على مادّة ومدّة, فهذه الإفاضة تُسمّى خَلْقاً, وأما إذا كانت إفاضة لا تعتمد على مادّة ولا على مدّة, بل أن المُفاض يتحقق بنفس الإفاضة, فهذا ما نُسمّيه بالأمر, مثلاً الجنين في بطن اُمّه, قال تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طينٍ * ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً في قَرارٍ مَكينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً) (6), فهذا الوجود الذي قد أفاضه الله في مادّة ومدّة يُسمّى خَلْقاً. (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طينٍ) (7), (أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصيمٌ مُبينٌ) (, أي أفضنا هذا الوجود عليه إفاضة تدريجيّة تعتمد على المادّة والمدّة.
أما إذا كانت إفاضة الوجود إفاضةً دفعية لا تعتمد على مادة ولا على مدّة, فيتحقق الوجود وينسبغ نوره بمجرد الإفاضة من دون واسطة مادة ولا مدّة, فهذا ما يُسمّى بالأمر, مثل قوله تعالى عندما يتحدّث عن الروح البشرية الإنسانية: (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) (9), ليبيّن لنا أن وجود الروح يختلف عن وجود الجسد, فوجود الجسد وجود ضمن مادة ومدّة, أما وجود الروح فهو وجود دفعي لا يستند لمادة ومدّة, فوجود الروح يُسمّى بعالم الأمر, وهو يختلف عن وجود الجسد الذي يُسمّى بـ (عالم الخلق), ولذلك فالآيات القرآنية عندما تتحدّث عن عالم الأمر, فذلك يعني عالم الإفاضة الذي لا يستند لمادة ولا مدّة تتحدّث عنه بشكل دفعي, كقوله تعالى: (وَما أَمْرُنا إِلاَّ واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) (10), وهو إشارة إلى دفعية الوجود الأمري, وتدريجية الوجود الخَلْقي, فهذا هو الفرق بين عالم الخَلْق وعالم الأمر الذي تحدَّثت عنه الآية القرآنية, كما يرى صاحب الميزان قدس سره(11).
وربما يُناقَش كلامه قدس سره: بأن الأمر في القرآن ليس كذلك, فكلمة الأمر في القرآن تُطلق على عِدّة معاني, ومن المعاني التي تُطلق عليها هو الإرادة والمشيئة الإلهية, كما في قوله تعالى: (وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ) (12), يعني بمشيئته, وكما في قوله تعالى: (الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ)(13), يعني بإرادته ومشيئته تبارك وتعالى, فالأمر بمعنى الإرادة والمشيئة, وربما يُطلق الأمر في القرآن الكريم بمعنى التدبير, كقوله تبارك وتعالى: (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ في يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) (14), يُدبّر الأمر, أي: يُدبّر أمر الوجود وشأنه, فالأمر أحياناً قد يُطلق في القرآن الكريم ويراد به النظام, من مسيرة, وحركة, فإذا كان الأمر يُطلق على تلك المعاني, فمن أين فَهِمْنا أن الأمر في قوله تعالى: (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) (15) هو الوجود الأمري, أي: الوجود الفعلي الذي لا يستند إلى مادّة ولا إلى مدّة؟ فلعلَّ المقصود في الآية المباركة هو تكفّل الخَلْق وتدبيره, وإدارة حركة الوجود ومسيرته, أي: كما إن من شأنه تبارك وتعالى خلق هذه الموجودات وإفاضة هذه الوجودات, فمن شأنه أيضاً إدارة هذا الوجود وتدبيره, كما في قول تعالى: (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ في يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ)(16). الفرق بين تأثير الخالق والمخلوق في التدبير:
إن تأثير المخلوق يختلف عن تأثير الخالق؛ لأن تأثيره مُزاحَم بالموانع والعوائق, مثلاً إذا أراد المخلوق أن يوجد فعلاً من الأفعال, ربما يكون فعله معاقاً, فلا يُمكنه تحقيق فعله, بينما تأثير الخالق غير مُزاحَم بالموانع والعوائق, فمتى ما جرت مشيئته وإرادته تحقق مراده, فإرادته ومشيئته الفعلية ليست مُزاحَمة بالعوائق والموانع, فالله تبارك وتعالى أراد أن يُفرّق بين تأثير المخلوق الذي هو مُزاحَم بالعوائق وبين تأثير الخالق الذي لا يمكن أن يقهره مانع من الموانع, فقال: (وَما أَمْرُنا إِلاَّ واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) (17), أي إن تأثيرنا لا يقهره قاهر, ولا يمنعه مانع, فهو تأثير كلمح البصر, من دون أن يُقهر أو يُغلب تحت مانع أو تحت عائق معين, وليس في هذا إشارة إلى الوجود الدفعي الذي لا يستند إلى مادّة ولا إلى مدّة إنما هو إشارة للفرق بين تأثير المخلوق وتأثير الخالق, كما في قوله تعالى: (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (18), يعني أن تأثيره لا يتخلّف ولا يُقهر, كما في قوله: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) (19), فهذا تأثير إلهي.
إذن, ليس هناك قرينة على أن المراد بالأمر في الآيات المباركات هو عالم الأمر, أي عالم الوجود الدفعي الذي لا يستند إلى مادة وإلى مدّة, ولذلك نرى القرآن الكريم كما عبّر عن الروح بالأمر, عبر أيضاً عن الروح بالخلق, مثلاً في قوله تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طينٍ * ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً في قَرارٍ مَكينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقينَ) (20), والخلق الآخر هو الروح العاقلة إذن كما عبّر عن الروح بالأمر في بعض الآيات, فقد عبّر عنه بالخلق في آيات أخرى, فمن أين قلنا: إن هناك عالم خلق وعالم أمر؟ وهذا وجود تدريجي, وذلك وجود فعلي, مع أن القرآن عبّر عن هذا الأمر أيضاً بالخلق كما عبر عنه بالأمر.
وحينئذٍ يمكن أن يقال بأن المقصود من الأمر في قوله تعالى: (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَليلاً) (21), هو الشأن, كما في قوله تعالى: (وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشيدٍ) (22), (برشيد) أي إن شأنه ليس شأناً رشيداً, أيضاً هنا الروح شأن الخالق وليس شأن المخلوق, فليس المراد بالأمر في الآية المباركة هو عالم الأمر الذي يعني الوجود الدفعي الذي لا يستند لمادة ولا مدّة. رأي صاحب الميزان قدس سره: الأمر الثاني:
إن السيد الطباطبائي قدس سره ذكر في (الميزان)(23): أن الإمامة مساوقة للهداية الأمرية, حيث يتميّز الإمام عن غيره بأن من خصائصه ومميزاته التي تفصله عن غيره الهداية الأمرية, استناداً إلى قوله تعالى: (وَجَعَلْنا مِنْهُم أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) (24), وقوله في آية أخرى: (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ) (25), فالإمام من يهدي بالأمر, يعني أن الإمامة مساوقة للهداية الأمرية, ومعناها: التأثير المباشر في النفس.
فلقد ذكرنا في البحث الأوّل أنه يفرق بين عالم الخلق وعالم الأمر, أن عالم الخلق يعني عالم الأجساد, وعالم الأمر يعني عالم الأرواح, فالهداية الأمرية تعني هداية الروح, وتأثير الإمام في الطرف المقابل تأثيراً روحياً مباشراً.
مثلاً نفترض أن الإمام الحجة عليه السلام يمرُّ عليك وأنت لا تتعرف عليه, فيفيض على قلبك رشحةً من شعاعه ورشحة من فيض نوره, فإذا أفاض عليك شعاعاً من شعاعه, ورشحة من فيض أمره كان ذلك هداية أمرية, أي إن الإمام يتحدّث مع روحك بشكل مباشر, ويتحدّث مع نفسك بشكل مباشر, وهذا الحديث هو إفاضة نور وإفاضة هداية أمرية.
فالإفاضة الأمرية من مميزات الإمامة وخصائصها, فالإمام من يتّسم بالهداية الأمرية, ومن تكون له الولاية والقدرة على بثّ نور الهداية وشعاعها في النفوس والأرواح. إذن, بما أن الإمامة مساوقة للهداية الأمرية, فلا ينبغي أن نسأل ما هو دور الإمام الحجة وهو غائب, ولا وجه للقول بأن الإمامة تعني القيام بالدور الرسالي, فإذا لم يكن للإمام الغائب دور رسالي فبعثه لغو. الهداية الأمرية ودور الإمام فيها:
إن الإمامة تعني الهداية الأمرية ولا تعني القيام بالدور الرسالي, فقد لا يتمكّن الإمام من أيّ دور رسالي, مثلاً الإمام الكاظم عليه السلام سُجن سنين عديدة, ولم يكن متمكّناً من القيام بدور رسالي؛ لأنه سجين, فهل هذا يعني أن إمامته ارتفعت بمجرد أن دخل السجن؟ أو أن الإمام علياً عليه السلام جلس خمساً وعشرين سنة في داره يعلّم بعض العارفين وبعض الظامئين للعلم والمعرفة ولم يكن له دور رسالي واضح, فهل معنى ذلك أنه ارتفعت إمامته لأنه ليس له دور رسالي بارز؟
لا, الإمامة لا تساوق القيام بالدور الاجتماعي؛ لأنه مرهون بظروفه, فقد يتمكّن الإمام وقد لا يتمكّن, كما ورد عن الإمام علي عليه السلام: (لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة, إما ظاهراً مشهوراً, أو خائفاً مغموراً, لئلاّ تبطل حجج الله وبيناته) (26), فهو حجّة, وإنْ كان خائفاً مغموراً, فالإمامة لا تعني القيام بالدور الاجتماعي, وإنما تعني الهداية.
إن دور الإمام وهو غائب هو بثّ نور الهداية في النفس المصطفاة المجتباة, فمتى ما رأى نفساً مُعَدّة وكفوءة أفاض عليها عليه السلام الهداية الأمرية. عم لقد استفدنا من الروايات أن من مميّزات الإمام الإطلاع على عالم الملكوت, ومن مميّزاته أيضاً الهداية الأمرية, ولكن البحث في أنه هل استفدنا ذلك من القرآن الكريم من قوله تعالى: (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) (1), أم أنه مستفاد من النصوص الأخرى؟ وهنا موضع المناقشة مع كلام السيد قدس سره.
فقد يقال في مقابل هذا الرأي المطروح: أن لا علاقة لهذه الآية بمسألة الهداية الأمرية, لماذا؟ لأن كلمة الأمر في القرآن كما ذكرنا قد استُعمِلت بمعاني متعددة, ومن جملة معاني الأمر: الدين. فإن الدين السماوي عبّر عنه بالأمر, ومن قراءة بعض الآيات يتّضح من خلالها أنّ القرآن يعبّر بكلمة الأمر ويريد به الدين والرسالة, كقوله تعالى: (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ) (2), وما الأمر الذي قضي إلى موسى عليه السلام ؟ هل هو الهداية الأمرية؟ لا, إنما قُضي لموسى الدين, أي أنزل عليه الدين السماوي ابتداءً من ذلك اليوم, فالأمر هو عبارة عن الدين السماوي, كقوله تعالى يتحدّث عن بني إسرائيل: (وَلَقَدْ آتَيْنا بَني إِسْرائيلَ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ) (3), ثمّ يقول: (وَآتَيْناهُمْ بَيِّناتٍ مِنَ الْأَمْرِ) (4), وما معنى بيّنات من الأمر؟ معناه من الدين, فكما أرسلنا لهم كتاباً يتحدّث عن الدين, وكما بعثنا أنبياءً وملوكاً وحكّاماً, فقد آتيناهم بيّنات, أي آيات ومعاجز وحججاً واضحة على أحقّية الدين وأهميته, (فَمَا اخْتَلَفُوا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فيما كانُوا فيهِ يَخْتَلِفُونَ) (5), ثمّ يخاطب النبي محمّداً صلى الله عليه وآله وسلم: (ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَريعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذينَ لا يَعْلَمُونَ) (6), ما الشريعة من الأمر؟ يعني الشريعة من الدين, فالدين كما له جنبة فكرية فله جنبة تشريعية, وهي الأعمال والعبادات, والشريعة هي الأعمال التطبيقية والوظائف التي يمارسها المتدينون.
إذن, إذا كان الأمر في القرآن الكريم يُطلق على الدين السماوي وعلى الرسالة السماوية, فحينئذٍ يُمكن أن تكون هذه الآية ناظرة للرسالة, (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) (7), يعني يهدون بواسطة ديننا ورسالتنا, لا أن المراد بالأمر في هذه الآية الهداية الأمرية, كما استفدناها من الروايات الشريفة.
إذن, بناءً على ذلك ننطلق إلى النظرية الثانية القائلة بأن الدور الذي يقوم به الإمام المهدي عليه السلام وهو غائب هو حفظ الدين عن التحريف والتزوير.
المزيد هنا
http://www.m-mahdi.info/book/127/001.htm
عدل سابقا من قبل المغربي في الثلاثاء يوليو 30, 2013 6:58 am عدل 1 مرات | |
|